«أراد أن يهزَّ شيئًا راكدًا في الذائقة، ويفتح نوافذ جديدة للقارئ»، بهذا الطموح / الحلم ذهب الروائي يوسف المحيميد في كتابته رواية «الحمام لا يطير في بريدة»، إلا أن من لم يتمكن من قراءتها أربكه العنوان المحفز - كما يقول يوسف - الذي انطلق من قناعة أن «الرواية الجيدة هي وثيقة لزمن ما، ولجيل ما، هي ذاكرة مكان، وهي شهادة ألم، وصرخة في وجه الفساد».

رفض السخرية

جوبهت الرواية بغضبة من المتشددين في بريدة، ورأى بعض من المتشددين أن «الصمت عن الرواية قد يكون صمتا عن وسيلة تروج للباطل أو الفواحش»، عادين أن الرواية مشحونة بالجنس، والسخرية من المتدينين.

وهو -بطبيعة الحال- ما يرفضه المحيميد، ذاكرا: أنه من اللامعقول محاسبة الروائي على الشخصيات، واعتباره مرتكباً لإثم أو ذنب يستوجب عليه التوبة والاستغفار مما كتبه. وقال: الروائي مبدع وليس مفكراً، وحينما يكتب المفكر وجهة نظر فكرية عن المجتمع فهي تمثله، لكن عندما أكتب الرواية لا تعنيني حتى لو رسمت أنا الكاتب شخصية جريئة أو متحررة أو رجلا ثائرا أو إرهابيا، ومن غير المقبول محاكمة الروائي على شخصياته

جيل البيت الناقم

لأن «التاريخ يخبرنا عن الأحداث والروايات، والقصائد والملاحم والقصص والأساطير، والخرافات تحدثنا عن حياة الإنسان، أي عما كان موجودا» كما يقول الروائي الفرنسي بلزاك، أنجز المحيميد روايته، التي دونت جانبا من واقع ما في مدينة بريدة. يقول المحيميد لـ»الوطن» موضحا أجواء كتابته الحمام لا يطير في بريدة: كنت أنجزت أربع روايات، وترجمت إلى أكثر من لغة، وشاركت في مؤتمرات عالمية، لكنني ما زلت أبحث عن عمل مختلف، عن رواية حميمة وصادقة، متمردة، ساخطة، تمثل جيل الشباب المتصالح مع ذاته، وغير متصالح مع مجتمعه، جيل ناقم وحاد يشبه جيل «البيت» في أمريكا، يواجه مقاومة شرسة من المتشددين، وفي نفس الوقت أبحث عن امتدادات هذا التشدد، بجماعة حزبية منظمة، خططت على استلاب الحياة من مجتمع بسيط، واختطافه في جميع مفاصله، وبالذات في التعليم العام والجامعي، فكانت شخصية «محمد السفيلاوي» في تلك الرواية «الحمام لا يطير في بريدة».

العنوان المحفز

لكن من هو «السفيلاوي هذا الذي قدمه المحيميد، أنموذجا لجيل ساخط، كشخصية روائية أغضبت المتشددين، وجعلتهم ينقمون على يوسف المحيميد؟

المحيميد يصفه بقوله: هو الشاب العشريني، الذي أردت معه جعل العمل حميما وصادقا، وليس خطابا اجتماعيًا مباشرا ومملا، فرميت به وسط عائلة معظمها متشدد، ويستغل الدين في العلم والتجارة وغيرها، لعكس الفساد والنفاق الاجتماعي السائد.

رواية «الحمام لا يطير في بريدة» أردت بها أن أهزَّ شيئًا راكدًا في الذائقة، وفي القراءة المألوفة، أفتح نوافذ جديدة للقارئ المحلي والعربي، ورغم أنها وصلت للآلاف من القراء، إلا أن من لم يتمكن من قراءتها أربكه العنوان المحفز، وأصبح بعض القراء والأصدقاء يسألونني كلما صادفوني: «ما طار الحمام؟»، فأبتسم دونما تعليق، فالحمام هنا رمز، والريشة البيضاء في الجامع التي علقت بثوب بطل الرواية هي طلقة قوية مصوبة إلى ذاكرة السارد، وإلى ذاكرة المجتمع، فالرواية الجيدة هي وثيقة لزمن ما، ولجيل ما، هي ذاكرة مكان، وهي شهادة ألم، وصرخة في وجه الفساد.

يوسف المحيميد

- روائي وصحفي

- ولد في 1964م بحي الشميسي بالرياض

- نشأ في حي عليشة بالرياض

- بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة الملك سعود

- دبلوم دراسات عليا في الرقابة المالية من معهد الإدارة العامة

أعمال

- محاسب في بترومين

- وزارة البترول والثروة المعدنية

- مشرف على صفحات الثقافة بمجلة الجيل

- أسس مجلة الجيل الجديد للأطفال

- رئيس للقسم الثقافي بمجلة اليمامة

نتاجه

- 1989 نشر مجموعته القصصية الأولى ظهيرة لا مشاة لها

-2003 نشر روايته الأولى لغط موتى

الأعمال الروائية

- 2003 فخاخ الرائحة - القارورة - نزهة الدلفين

- 2012 رحلة الفتى النجدي

- 2015 غريق يتسلى في أرجوحة

- 2019 أكثر من سلالم

الأعمال القصصية

- 1993رجفة أثوابهم البيض

- 1996 لابد أن أحداً حرك الكراسة

- 2005 أخي يفتش عن رامبو

أعمال أخرى

- النخيل والقرميد مشاهدات بين البصرة ونورج (أدب الرحلات): 2004

جوائز

- 2011 جائزة أبو القاسم الشابي:عن رواية الحمام لا يطير في بريدة

- 2011 جائزة ألزياتور: عن رواية فخاخ الرائحة

- 2013 جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب : عن رواية رحلة الفتى النجدي