يقول المثل الياباني (قد يكون مسمارا في حدوة حصان)، المثل مقتطع من المثل الكامل الذي يقول (قام من يحذو الخيل بطرق مسامير في حدوة حصان، ولكنه نسي أحدها رخوا، وبعدها بفترة سقط المسمار وسقطت الحذوة فتعثر الحصان وسقط، وسقط معه الفارس الذي كان يمتطيه، وسقطت الرسالة التي كان يحملها الفارس، ولم تصل تلك الرسالة إلى القائد لتبلغه بأن العدو قادم، وسقطت الإمبراطورية بسبب مسمار لم يتم التأكد من تثبيته بالشكل الصحيح).

بعيدا عن اليابان وقريبا منا، كم موظف يدخل إلى عمله ليكمل باقي (البطالة المقننة) التي يعيشها رغم أنه موظف أو عامل أو أيما شئت فسمه، ولكنه فعليا يعتبر عاطلا عن الإنتاجية، لأنه حضر إلى مقر عمله بداية حياته العملية في هذا المقر، وكان شعلة من النشاط، ولكن الشعلة هذه أشعلت نار الشكوك في قلب رئيسه أو مديره، الذي يعتقد أن نجاح هذا الموظف هو سبب سقوطه من عرش الإدارة، أو بأضعف الإيمان، عمله قد يزعجه بالمتابعة وكتابة التقارير وهذا المدير أو الرئيس (ماله خلق إزعاج)، فحول هذه الشعلة إلى رماد، لأنه يعتقد أن عمل هذا الموظف أو العامل لا أهمية له كأهمية الإدارة (الجوفاء). ولو صغرنا حجم المسؤولية حتى أوصلناها إلى مهنة (عامل النظافة) على سبيل المثال، والذي - نظرا لتهميش دوره في حياتنا العامة - حولناه من صاحب مهنة ترتكز عليها صحتنا العامة، حتى أصبح يتسول منا لقمة العيش عند الإشارات المرورية، حتى فى القفار الخالية التي يترك فيها أحيانا حتى بلا (ماء)، لأننا لا نعرف لوظيفته أي قيمة أو بالأصح (لم نترك دون عمال نظافة لفترة معينة). ولو حولنا عدسة المجهر على مهنة أخرى كمهنة حارس الأمن (في المستشفيات أو ما يشابهها) على سبيل المثال، ستجد أن حارس الأمن هذا، يخالط المرضى المصابين بالعدوى، ويحضر أكل الأطباء من (مطعم البخاري) الذي بالجوار، ويجلب القطع التموينية من المستودعات في حال كان أمين المستودع يتابع المباراة، وتجده قد اختلط مع أغلب المهن، حتى تجده يتكلم لغات شرق آسيا بطلاقة، من كثرة المخالطة وخبرات السنين التي قضاها في هذا المكان، وغيرت كل ما فيه حتى لون شعره، ولكنها لم تغير في مرتبه ريالا واحدا، لأنه (يعمل بالساعة)، نظرا لتهميش دوره من قيادات وزارة الصحة، فما بالك بمديري المستشفيات، أو حتى مديري الأقسام الذين يعاملونه وكأنه يتسول منهم احترام مهنته، ولم ولن يحترمونها حتى يعيشوا بدونها.

المقصود أن المثل أعلاه يقوله اليابانيون حينما يريدون التأكيد على أنه من الخطأ إهمال أي جزء من العمل مهما كانت تفاهته في أعيننا، وبضرب هذا المثل على أوضاعنا هنا، فكم من موظف وكم من عامل وكم حتى من جهاز أو غيره تم إهماله، على سبيل المثال في أزمة كورونا هذه، وهو (قد يكون مسمارا في حدوة حصان).