على الرغم من الصرامة والقوة اللتين اتسمت بهما الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، حماية للوطن والمواطن، وهي الإجراءات التي نجحت حتى الآن في السيطرة على إبقاء انتشاره في أضيق الحدود، إلا أنها حرصت في الوقت نفسه على ألا تعطل تلك الإجراءات مسارات الحياة الطبيعية قدر الإمكان، ولذا غالباً ما ترافقت تحت الإجراءات باستثناءات للقطاعات الحيوية العامة والخاصة، كما سمحت باستمرار خدمات التوصيل عن طريق تطبيقات الأجهزة الذكية، لطلب الاحتياجات الغذائية والدوائية وغيرها من السلع والخدمات المستثناة وتوصيلها إلى المنازل، حتى تلبي الاحتياج، مع المحافظة على صحة المواطن والمقيم.

دعوة

وجدت الإجراءات السعودية منذ اتخاذها أصداء إيجابية متميزة، وإشادات كثيرة، وصفتها بالقوية والضرورية والآمنة، ووصل الأمر إلى أن مسؤولين وسفراء نصحوا رعاياهم بالبقاء بالسعودية خلال الأزمة، مؤكدين أن بقاءهم فيها أكثر أمانا لهم، كما فعل السفير الأمريكي في المملكة جون أبي زيد، الذي وجه نصيحة لرعايا بلاده داخل المملكة بالبقاء فيها وسط ما يواجهه العالم من تحديات لمواجهة الفيروس.

تثمين

لم تقتصر الإشادات على الخارج، بل تواكبت مع إشادات محلية مسؤولة، حيث ثمنها مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، وقال «تفشى وباء فيروس كورونا في كثير من بلاد العالم حتى بلغت الإصابات مئات الآلاف من البشر، ومات عشرات الآلاف في تلك البلاد، ونحن بحمد الله وفضله ننعم في هذه البلاد المباركة بجهود قائمة، واستنفار حثيث لمكافحة هذا الوباء، من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين، وعلى مستوى جميع قطاعات الدولة صحية وأمنية ووقائية وغيرها من الجهات المعنية بهذا الشأن».

وأضاف «أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عدداً من الأوامر، التي جاءت ضمن التدابير الاحترازية والوقائية للحد من انتشار وباء فيروس كورونا، سواء أكانت أوامر ذات علاقة بالجانب الأمني أو الصحي أو الاقتصادي أو الوقائي، مما كان له أكبر الأثر في نفوس المواطنين والمقيمين»، مهيبا بجميع المواطنين والمقيمين بمنع التجول أثناء فترة سريان منع التجول، والالتزام بتوجيهات الجهات الأمنية والصحية لما في ذلك من حفظ النفس وحمايتها من الإصابة بهذا والوباء، وفعل الأسباب التي أمر الله تعالى بالأخذ بها.

إلزام وإقناع

في الوقت الذي اصدرته فيه الجهات المعنية توجيهاتها الملزمة مثل منع التجول في عدد من المناطق والمحافظات، متراوحة بين منع جزئي وكلي حرصت على إرفاق أوامرها بالتأكيد على أنها تأتي كتدابير احترازية وإجراءات وقائية، للحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين فيها وسلامتهم، وأنه تم اتخاذها في إطار الجهود التي تبذلها المملكة، للحفاظ على الصحة العامة ومنع انتشار فيروس كورونا، وأنها تخضع للتقييم المستمر مع الجهات الصحية المختصة، دون أن تغفل دعوة الجميع لاستشعار مسؤولياتهم الفردية، والالتزام بالتوجيهات، والتقيد بإجراءات العزل، تحقيقًا للمصلحة العامة.

مبادرات

لم تكتف الجهات المعنية بالمنع والإلزام، بل بحثت كذلك عن مبادرات تعويضية، وشجعت كل مبادرة تصب في هذا الإطار، فأطلقت اللجنة الأولمبية السعودية مبادرة بمسمى (بتمرن بالبيت) وحظيت بانتشار وتفاعل من الرياضيين، وكذا الأطفال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث هدفت إلى حث وتحفيز الأشخاص في المنزل على مواصلة آداء التدريبات بعد قرار تعليق النشاط الرياضي في المملكة ضمن الإجراءات الحكومية للحد من انتشار الفيروس. ونشرت الاتحادات الرياضية عبر حساباتها الرسمية في «تويتر» صورا وفيديوهات لرياضييها سجلوا خلالها تدريباتهم المنزلية لجميع الرياضات مستخدمين أدوات مختلفة لأدائها، واللافت أنها مواد سهلة من المنازل تفنن من خلالها اللاعبون في تحويلها إلى أدوات مساعدة على أداء التدريبات في مساحات ضيقة وسط تنافس كبير من الجميع. وقدم متخصصون في التدريبات الرياضية رسائل توعوية عبر «تويتر» و«سناب شات» تضمنت كيفية أداء التدريبات بالشكل الصحيح بما يتوافق مع كل فئة عمرية، إضافة إلى حصص افتراضية للتدريبات تبث في أوقات معينة، تفاعل معها الآلاف من الأشخاص.

تنظيم

حتى لا تتضرر المنشآت ولا العاملون فيها نتيجة تقليص ساعات العمل التي فرضتها التدابير الاحترازية، وهي مما يشمله وصف القوة القاهرة الوارد في الفقرة (5) من المادة (الـ74) من نظام العمل، أتيح لصاحب العمل الاتفاق ابتداءً مع العامل - خلال ستة الأشهر التالية لبدء اتخاذ تلك الإجراءات - على تخفيض أجر العامل بما يتناسب مع عدد ساعات العمل الفعلية، أو منح العامل إجازة تحتسب من أيام إجازاته السنوية المستحقة، أو منح العامل إجازة استثنائية، وفق ما نصت عليه المادة (السادسة عشرة بعد المائة) من نظام العمل، ولا يكون إنهاء عقد العمل بعد ذلك مشروعاً إذا ثبت أن صاحب العمل قد انتفع بأي إعانة من الدولة لمواجهة تلك الحالة، إضافةً إلى احتفاظ العامل بحقه في إنهاء عقد العمل. كما أتاحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إمكانية الاستفادة من خدمات العمالة الوافدة الفائضة مؤقتًا عبر بوابة «أجير» كبديل للاستقدام الخارجي.

جاهزية

بقيت الموانئ السعودية جاهزة لاستقبال الحاويات ومختلف أنواع البضائع وخاصة الأغذية والأدوية والأجهزة الطبية، وذلك لضمان توافر كافة احتياجات المستهلكين في المملكة ومضاعفة كافة العمليات والخدمات البحرية بالمحطات والأرصفة في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها المملكة.

وتم تجهيز مختلف الموانئ بما فيها ميناء الملك عبدالله بالكامل بقدراته الاستثنائية على مناولة وخدمة الحاويات المبردة التي تشمل الأغذية والأدوية، حيث سيكون بمقدور المستوردين الاستمرار في الاستفادة من خدمة التخليص على مدار الساعة دون أية معوقات، وذلك بالتعاون مع أكثر من 17 جهة حكومية.

ومددت فترة الإعفاء عن أجور التخزين في الميناء من 5 إلى 10 أيام دعماً لأعمال المصدرين والمستوردين وضمان سلاسة الإمدادات اللوجستية من وإلى المملكة.