جائحة كوفيد -19 علمت العالم دروسا عديدة على المستوى الصحي والاقتصادي وحتى السياسي، مع أننا ما زلنا على تفاؤلنا الذي ذكرناه في مقال سابق «أن كورونا سيختفي خلال الأسابيع القادمة مع ارتفاع درجة الحرارة والصيف»، والذي أيده أيضا مركز الأمراض المعدية الأمريكية، بأن الفيروس حساس وضعيف للحرارة، لكن دعونا نتطرق لبعض أهم دروس كورونا التي تعلمناها محليا ودوليا:

• هناك فرق كبير بين النظام الصحي والمستشفيات، للأسف حتى بعض الزملاء في القطاع الصحي يمزج بينهما. لو تساءلنا عن أفضل مستشفيات في العالم؟ فالإجابة دون تردد هي مستشفيات أمريكا، لكن لو تساءلنا عن النظام الصحي الأمريكي، فهو متأخر، ولا يصل إلى المرتبة الثلاثين عالميا!. بعض مستشفيات أوروبا هي الأحدث، لكن النظام الصحي الأوروبي، في بعض الدول، انهار انهيارا شبه كلي في الأزمة، كما يلاحظ الجميع من الإحصائيات الدولية، فإن النظام الصحي باليابان وكوريا، ربما من أفضل النظم الصحية على مستوى العالم في هذه الأزمة بلغة الأرقام، وللأسف فأغلب الشركات الاستشارية لدينا لنظامنا الصحي هي أوروبية وأمريكية!! ببساطة القص واللزق من النظم الصحية الغربية قد لا يناسب مجتمعاتنا!

آمل ككاتب وكأحد العاملين في المجال الصحي، أن يكون هناك حظر دولي على أكل الحيوانات البرية وغير الاعتيادية في كل العالم، وربما منظمة الصحة العالمية أو حتى مجموعة العشرين تدرس اتخاذ خطوات في هذا المجال. لا يعقل أن يتوقف العالم ويفرض حظر تجول على المليارات من البشر، ويجمد الاقتصاد من أجل أن شخصا يحب حساء شوربة خفافيش أو ثعابين أو غيرها. إذا استمر الاتصال بين الإنسان والحيوانات البرية فاحتمال أنه كل بضع سنوات سيخرج فيروس جديد. الحيوانات عبر آلاف السنين كونت مناعة للفيروسات، لكن مع الوقت الفيروسات بدأت تنتقل للإنسان عن طريقة المخالطة أو الأكل.

ولأن الشيء بالشيء يذكر، كنت منذ أشهر قبل الأزمة، في اجتماع مع بعض رجال الأعمال السعوديين، بخصوص إنشاء مستشفيات متقدمة، كان بعضهم يقول، إن المولات أفضل من المستشفيات للاستثمار، وأسهل في إدارتها، والناس تحب المولات، لماذا ننشئ مستشفيات؟!. للأسف هذا تفكير بعض تجار العقار، يريد مولات أو عمارات ليفاخر بها، بينما المراكز الطبية المتقدمة والمستشفيات كما يقول بعضهم: (يبعدنا عنها) خلها للحكومة!!

• الأوروبيون الذين أزعجوا العالم بحقوق الإنسان تخلوا عن بعضهم في الأزمة كما توقعنا، قلناها مرارا، منذ سنين الاتحاد الأوروبي هو اتحاد هلامي، ونعرفهم جيدا، بل إن بعضهم غدر بالآخر، وصار (شغل حنشل)، واحد يسرق من الثاني الكمامات والمساعدات والأجهزة الصحية، أين شماعة حقوق الإنسان!؟ لا أعرف إذا بقي لديهم بقية حياء في الوجه، لمجرد ذكر عبارة (حقوق الإنسان) مجددا لدول العالم الثالث التي عاملت مواطنيها أحسن منهم. الرعاية الصحية من أهم حقوق الإنسان حسب مواثيق الأمم المتحدة، طبعا لا توجد مقارنة بما عملته السعودية ودول الخليج لمواطنيها في هذه الأزمة، وما عمله الأوروبيون لمواطنيهم، لقد درسناهم حقوق الإنسان تدريسا!

• كثير من القطاع الخاص الصحي للأسف، سواء المستشفيات أو الصيدليات، كان أداؤها ومجهودها مخيبا للآمال، خصوصا للمواطنين، لم نر مبادرات معتبرة من البعض!

• هناك تقدير من شعوب العالم للعاملين بالقطاع الصحي، وهذا شيء رائع وممتاز أيضا هناك تقدير للعلماء وأيضا للإكلينيكيين. أَذكُر كانت هناك صعوبة في إقناع بعض الأطباء ليكونوا علماء في العالم العربي والخليج خصوصا، لأنه يريد أن يصبح إكلينيكيا أو متخصصا بسرعة، وكان البعض يسأل لماذا يقضي سنوات أطول لكي يكون عالما، بينما هذا الوقت ممكن يتخصص فيه، وكان صعبا أن تقنع أحدا أن يفعل الاثنين. الآن ظهر للجميع في هذه الأزمة أهمية أن تصبح عالما، فأنت من سيعتمد عليه لكي يحلل الأمراض، ويشغل المختبرات، ومراكز الأبحاث ويكتشف العلاج، والممارس هو من سيطبق ما تكتشفه، فما بالك إن كنت تفعل الاثنين!. آمل أن يتجه البعض في الخليج ليجمع الاثنين كعالم وكطبيب ممارس، كما في دول العالم المتقدم.

• قدرة رب العالمين فوق كل شيء، فيروس ضئيل لا يرى حتى بالميكروسكوب العادي يوقف نشاط العالم! فقط تفكروا بقدرته! أرجو من الجميع أن يترك ما لله لله، فلا يدعي أنه يعرف أنه عقاب أو ثواب، وأيضا يترك عنه نظرية المؤامرة، لأنها انتشرت بشدة وبخيال واسع.