ماذا لو لم يغزُ كورونا العالم!، أو كان هذا مجرد كابوس واستيقظنا منه، أو ربما كان رؤيا صالحة؟!

رغم أن كورونا جائحة وكارثة كونية إلا أنه كشف لنا الحجاب. هناك كثير من الأشياء لم نكن لندركها لو لم يغزُنا الوباء!.

عرفنا قيمة الإنسان في هذا الوطن، فالإنسان أولا. الإنسان بلا ألقاب أو هوية. يُقدّم له العلاج والرعاية، كائنا من كان، ما دام على هذه الأرض الطيبة، والمواطن أينما كان يُعطى له الدعم والاهتمام ليعود بأمان.

عرفنا أن الحب فوق الخوف، فما إن فتحت وزارة الصحة منصتها للتطوع الصحي، حتى اكتظ الموقع بأكثر من 79 ألف طلب في ساعات، وكأنهم يقولون إذا دقّت أجراس الخطر فنحن لها. نذروا أنفسهم حبّا وطواعية، فما أروعهم.

ما كنّا لنعرف أنّ لدينا هذا الكادر الصحي المميز المتفاني في مكافحة كورونا حتى فقدنا بعضهم.

ولأنه لا ينبئك مثل خبير، قامت المنصة التوعوية لوزارة الصحة «عش بصحة» بنشر مليارات من الرسائل التوعوية بـ24 لغة مختلفة، لترفع من وعي المجتمع، ولتكون المرجع الموثوق به.

وزارة الصحة السعودية والتي تشغل أكثر من 62 % من المستشفيات في جميع أنحاء المملكة حققــت إنجــازات كبيــرة ونوعيــة بجهود منسوبيها، فقــد تجــاوز متوســط الأعمــار فــي المملكــة المعــدل العالمــي «70 عــاما» ليصــل إلــى «74 عــاما»، كمــا انخفضــت معــدلات وفيــات الرضــع بـ96 %، وارتفعـت معـدلات التطعيـم 137 % خـلال 35 عامـا، ولم يكن أحد ليسمع بذلك سوى إحصاءات الوزارة، ربما لا يعرفها إلا منسوبوها أو من بحث عنها، وما كان يتناهى إلى أسماعنا سوى الشكاوى، وكانت كفيلة بزعزعة ثقة البعض في الوزارة وأطبائها، ربما احتجنا إلى حدث مماثل لكورونا ليثبت أن للحديث رواة غير ثقات أحيانا، وأن للحقيقة وجه آخر.

كانت وزارة الصحة السعودية يقظة جدا بكل الإستراتيجيات التي وضعتها منذ البداية لتسيطر على الوباء، وأثبتت أننا من الأفضل بين العالم، وما قامت به وزارة الصحة للتعامل مع كورونا هو نموذج يحتذى به عالميا، وما كانوا ليسمعوا بذلك. لم نكن لندرك أننا نملك نظاما صحيا قويّا قادرا على مواجهة الأوبئة والتعامل معها بهذا القدر.

لدى وزارة الصحة السعودية خبرات غنية وناجحة، من خبرتها الفريدة في إدارة الحشود والتأهب لحالات الطوارئ خلال موسم الحج السنوي، وهذا يعترف به العالم كشاهد جليل.

إن كانت الصين قد أقامت مستشفى في 10 أيام فنحن لدينا 8 مستشفيات موسمية، ونستطيع استخدامها متى أردنا، وخبرات بتفعيل المستشفيات الميدانية، وفي أسوأ الأحوال نستطيع إحياء مستشفى عرقة، وليس ذلك بعزيز.

أثبتنا أننا نستطيع أن نقاتل على الحدود عدوّا ونحارب في المشافي عدوّا آخر، وما بين سلاح جندي وسماعة طبيب تستمر الحياة بخير. عرفنا أننا الأكثر قدرة على إدارة الأزمات بجهود كل قطاعات الدولة ومؤسساتها.

حينما تعرف أن كل هذا للحفاظ على الإنسان، تعرف أنك في وطن استثنائي. استشعر هذا كله، وستدرك أن كورونا كشف الحجاب، وبقدر ما تكتشف قدراتك تنتصر.