يُبكَم لسانك ويجف قلمك بأحد ثلاثة، إما بالترهيب والوعيد والتهديد بالعصا، وإما بالترغيب والإغراء والشراء بالجزرة، فالأول لا يقبله إلا العبيد، والثاني لا يقبله إلا المرتزقة، والثالث هزم الأحرار وهو «سيف الحياء»، فكم من كلمة طيبة أعلنا أمامها الاستسلام، مع يقيننا أن الحق معنا بلا ريب، وقيل: الكلام اللين يغلب الحق البين، والنزيهون لا يخضعون بالعصا ولا بالجزرة، ولكنهم يحترمون من يحترمهم، ولكن ليس على حساب المصلحة العامة، وكلمة الحق التي لا تترك لمصلحة خاصة، سواء جاءت بترهيب أو ترغيب أو حتى حياء.

ولذا من فن صناعة الأصدقاء أن تحترمهم، ومن فن صناعة الأعداء أن تهينهم، والمخلص هو محل الثقة والتمكين، والمتلون ليس محلاً إلا للنفاق. ولذا بعد زمن الستالايت في 1990 فالجوال في 1995 فالنت في 2000، فالموبايل في 2005 فالسوشال ميديا في 2010، ثم تسيد الرأي العام في 2015، وجاءنا 2020 ليعلن أن الفرد هو السيد، والحرية مصدر القوة، وأن الإذلال والغطرسة قد تصنع الرعب ولكن لا تصنع المحبة، ولذا ها هو رئيس كوريا الشمالية لم يجرؤ أحد على نصيحته تجاه شرهه في الأكل والتدخين، فصار هو ضحية جبروته، في حين لو أنه كان هيناً بلا وهن وليناً بلا ضعف لأحبه من حوله، ولصار هناك من «يمون عليه» فينصحه تجاه هذه السمنة المفرطة، والتبغ الذي قضى على رئتيه.