«كورونا» جائحة عالمية عارضة «مصيرها إلى زوال، مهما اشتدت فلن تلبث أن تختفي، ولكنها حتما ستعود مرة أخرى، فالفيروس أصبح له اسم وصفة وتصنيف على فهرس الأمراض التي تصيب البشر، ولكن لا نعرف كيف سيعود» كوفيد-19«!، ربما سيكون مرضا موسميا ينضم إلى عائلة أمراض الشتاء، ولكن بشراسة محجمة، لأن التجربة ستجعلنا نتعرف عليه أكثر، وبالتالي نعرف كيف نستعد له، بحيث يصبح عارضا صحيا عابرا، بلا خطر يهدد سلامة البشر بهذه القوة. كل هذه تكهنات ولا نعلم ما ستأتي به الأيام، ولكن الأكيد أننا سنكون قد تعرفنا عليه أكثر، بحيث لن يربك هذا الفيروس العالم، كما أربكه بحضوره الغريب والمفاجئ.

لا إشكال فيما يتعلق بالفيروس والمرض من الجانب الطبي، فالعالم أجمع على تشمير سواعد علمائه للوصول إلى لقاح أو دواء يحد من جموح هذا الداء، وهو أمر تحت السيطرة بأمر الله. ولكن ما يجب أن يؤخذ في الحسبان، هو الآثار الجانبية التي خلّفها، أو لنقل كشفها فيروس كورونا على جسد الحياة الاجتماعية، وتأثيره في الوعي الذي لا يمكن تعميمه، إنما هو خاص بكل مجتمع دون آخر.

رياح كورونا العاتية أثارت غبار سلبيات ظهرت مع هدوء الحياة وشبه توقفها، الذي تطلبته مواجهة هذه الأزمة، فكان أبرزها -على سبيل المثال لا الحصر- قلة الوعي عند كثير من فقاعات مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أثبتوا أنهم فعلا خطر يهدد انطلاقنا نحو أهداف رؤانا الواعدة.

العمالة غير النظامية التي كشفت لنا هذه الجائحة كم هي خطر في كل شيء»صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وحتى سياسيا».

و كما كشفت لنا جائحة كورونا خطر المقيم المخالف، أيضا كشفت لنا جشع وعدم مسؤولية وانعدام ضمير المواطن، الذي يؤثر الربح على حساب توفير بيئة صحية تضمن السلامة والكرامة للعامل، الذي من أبسط حقوقه أن يجد بيئة صالحة للسكن والعمل.

و لكن، كما أثارت هذه الجائحة غبار سلبيات ظهرت على سطح الأزمة، أنزل الله غيث إيجابيات يصعب علينا حصرها، أظهرتها الشدة. أولها وأهمها الفخر بوطن وقيادة ومسؤولين في كل القطاعات، يسبقون الفيروس دون أن يعطوه الفرصة ليسبقهم ويربكهم. تعاملنا مع الأزمة باحترافية نغبط عليها، ولولا الله ثم سرعة البديهة والذكاء في التعامل مع الحدث، لوقع لنا ما لا تحمد عقباه، كغيرنا من البلاد. الإيثار عند الشعب والرغبة في تقديم ما يستطيع، ليكون يدا بيد مع المسؤول في مواجهة هذه الجائحة، يجعل إعادة النظر في آليات التطوع أمرا يجب أن نلتفت إليه، فهناك شباب وشابات يستحقون أن نفتح لهم أبوابا تطوعية، تحتضن مهاراتهم وشغفهم، وتجعلهم طاقات ثرية مدربة محفوظة داخل خزائن هذا الوطن، جاهزة متى ما دعت الحاجة.

التركيز على الأسرة وتسليط الضوء على كل ما يجمع أفرادها، وتذليل كل عقبة في سبيل جعلها بيئة صحية، ليخرج منها جيل صالح للبناء والعطاء والمحافظة على كيان هذا الوطن. النظر إلى استمرار اعتماد نظام التعليم والعمل عن بُعد للحالات التي قد تستدعي ذلك.

كثيرة هي الإيجابيات التي قد نصطادها من عمق الأزمة. فليتنا ننتبه إليها ونعززها، لأننا #كلنا_مسؤول، للنهوض بهذا الوطن والمجتمع.