مع تزايد عدد مرضى كورونا تناقص عدد مراجعي المستشفيات وأقسام الطوارئ، لماذا؟. فهل يعقل أن كل أصحاب الأمراض المزمنة تعافوا؟ أو أنهم لا يحتاجون سوى استشارات طبية يستطيعون الحصول على إجاباتها من خلال وزارة الصحة مشكورة أو أطباء متطوعين هنا وهناك في السوشال ميديا؟ رغم أن هناك حسابات وهمية وحسابات تنتحل أسماء أطباء معروفين، وهي في تزايد وهذا مقلق جداً. فالبعض في سبيل الشهرة لا يتوانى عن الحديث في أمراض القلب والشرايين، وعلمه لم يتجاوز كلاما قرأه في منتدى. والمخيف أكثر أن يعاني المرضى في منازلهم، ويخافون من فكرة الإصابة بكورونا إن هم راجعوا المستشفيات، بينما الخوف الأعظم أن تتطور أمراضهم وكان بالإمكان منع ذلك بالتدخل المبكر. فحسب الدراسات العالمية، انخفض عدد مراجعي المستشفيات بنسبة 60%، ولدينا النسبة نفسها تقريبا، فقد انخفض معدل مراجعي بعض المستشفيات الحكومية بنسبة 65%. بعضهم يقرر تأخير تطعيمات أطفاله خوفا من العدوى، بينما الإصابة بالدفتيريا أو شلل الأطفال وغيرها من أمراض الطفولة، أشد فتكا بالطفل، وإذا قررنا التأخير فإلى متي؟، ونحن الذين لا نعرف إذا ما كان يتوجب على العالم أن يتعايش مع كورونا. لماذا الخوف من المستشفيات بينما الإصابات تأتي من خارجها، الإصابات تأتي من البيوت المزدحمة والناس المجتمعة والمصافحات والتقبيل، فبعضهم لم توقفه الجائحة عن ممارسة ما اعتاد عليه، فالطبع يغلب التطبع، وإن كان طبعا يؤذيه ويؤذي غيره. الإصابة ليست في ممرات المستشفيات، ففي المستشفيات هناك فرز مبدئي يعزل كل مراجع مشتبه بإصابته بـ«كوفيد- 19»، المخيف أكثر هو الزيارات المنزلية والتجمعات، حيث الجميع يثق في أنهم بخير، فيتصافحون ويتسامرون وينصرفون ليصافحوا ويجالسوا آخرين، لأنهم يعتقدون أن مصافحة الأصحاء لا تحمل خطورة ولا تنذر بشيء. ينصرفون حاملين معهم فيضا من السعادة وكثيرا من العدوى، عدوى ربما لم تكن في ممر مستشفى ولا في قسم طوارئ ولا في عيادة تطعيمات. الفرق بين المستشفيات والعيادات والأماكن الأخرى، هو الخوف والحذر والدراية، الذهاب إلى المستشفى عند الضرورة القصوى يوجب على الآخرين أخذ حذرهم بالتعقيم والكمامة، فالخوف من العدوى يجبرهم على فعل ذلك، وإيمانهم بأن المرضى والمراجعين ربما يكون من بينهم مصاب بكورونا فيعديهم، بينما يجهلون أن الناس الذين يخالطونهم في الأسواق والشوارع ويجتمعون بهم، احتمال حملهم للفيروس أكثر، ومعدل العدوى بينهم أكبر، لأن هؤلاء يختلطون دون حذر ودون دراية مسبقة، والإصابة على حين غرة، بينما في المستشفيات لا يحدث ذلك، ففي المشافي يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة جميع المرضى والموظفين من بعضهم بعضا، ويتم عزل أي شخص تشتبه إصابته بالفيروس منذ دخول المنشأة الصحية، وتوجد وسائل تطهير وتعقيم ومعدات حماية شخصية في كل مكان، لوقف انتشار الفيروس. إذا كنت بحاجة إلى عناية طبية، فمن الآمن الذهاب إلى المستشفى، ومن الآمن الذهاب إلى قسم الطوارئ، ومن الآمن الذهاب إلى عيادة طبيبك، ما هو غير آمن هو تجنب العلاج والمواعيد الطبية اللازمة، هذا ما هو غير آمن، ويؤدي إلى التهلكة.