ما هي إلا لحظات لأحمل قلمي، وأرتّب أوراقي لأكتب مقدمتي التي تحمل كثيراً من الملاحظات، وأبدأ الحديث عن أزمة كورونا التي كبّلت اقتصادات العالم، وحاربت الصحة العالمية، وأرهقت الأفراد منذ بداية هذا العام 2020.

أتوقف قليلاً لأستذكر بعض الدروس التي تعلمتها في إدارة الأزمات، وأستدرك مراحلها، وخطواتها، وعناصرها.. وخلال كل ذلك يمرّ في ذاكرتي أحد أساتذتي الذي توفي في أواخر مايو من العام الماضي 2019 رحمه الله، رحل عن هذه الدنيا فجأة دون سابق إنذار، وقد كان في عنفوان قوته وقدرته على العطاء، جاءني الخبر عنه وأنه كان في رحلة مع عائلته خارج المملكة، ووقع عليهم فجأة وبعد تحليل كامل اكتُشِفَت العلّة وأن المرض قد تمكّن منه. ظلّ طريح الفراش بعد ذلك فترة من الزمن قبل أن يرحل «رحمه الله».

سبب تذكري له وكتابتي عنه اليوم بعد مرور عام على وفاته، عدد من الأسباب أهمها أنه ما زال في الخاطر ولن أنساه، فقد تعلمت منه مواقف جيّدة كانت طريقاً منيراً لي -بإذن الله- في مجال البحث العلمي والكتابة، وقد بارك لي -رحمه الله- عند صدور كتابي الأول «التحديات واستقرار الأمن الوطني السعودي» الذي صدر عام 2009، وقبلها أشرف على رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تحت عنوان «مدى توافق برامج التدريب للعاملين في أمن السفارات وفق متطلبات أدائهم الوظيفية»، والتي أرشدني في كثير من نقاطها وفصولها مع باقي الأساتذة جزاهم الله خيراً.

كما أنه ممن كتبوا بغزارة وعلم مستفيض في مجال إدارة الأزمات، وقدّم عددا من الكتب والدراسات في هذا الشأن، وكان أهمها (إدارة الأزمات: الأسس، المراحل، الآليات).

أستذكر الراحل الدكتور فهد بن أحمد الشعلان -رحمه الله- الذي خدم الوطن ضابطا وكاتبا، ومؤلفا، وتقلّد عددا من المناصب، منها كان قائداً لكلية الملك فهد الأمنية، ومديرا للمعهد الثقافي، ومستشارا في مكتب وزير الداخلية، وأكاديميا (أستاذ ودكتور) في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

أشرف الدكتور فهد على عدد من الدراسات ورسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه، وكتب بصدق عن تحليل الأزمات وإدارتها، وأثرى الساحة العلمية في هذا الشأن، كما اكتظت المكتبة العربية بكتبه ومؤلفاته في هذا المجال.. واليوم ونحن في ظل أزمة «كورونا» والانتقال بين مراحلها التي تعصف بكل شيء، نجد أن لكتاباته وقعا كبيرا في أهمية ذلك، الأمر الذي ساعدني على الكتابة بقوة عن كتابي الجديد عن إدارة أزمة كورونا وكيفية تعامل المملكة العربية السعودية معها بحزم وحكمة، وتحليل المواقف والخطوات والحلول المقدمة لمواجهة هذه الأزمة، الذي سيرى النور قريبا، إن شاء الله. حتى وهو قد رحل ما زال ملهماً لطلابه وأبنائه من بعده ممن أحبوا الدراسة في مجال الأزمات وإدارة الأزمات.