يكافح البعض ليبلغ من الكمال منتهاه، فيضع لنفسه معايير عالية جدا، مما يجعله يخسر الكثير من الفرص لمجرد شعوره أنه غير جدير بها، أو أنه لا يستطيع أن يتمها على أكمل وجه سعيا وراء المثالية التعجيزية حتى يتحول هذا الكفاح لمرض.

قال الإخصائي النفسي هشام الخراشي: إن السعي خلف الكمال تختلف أسبابه من شخص لآخر بسبب أن الأمر طبيعي للشخص الذي يبحث عن نجاح عمل ما، لكن قد يصل إلى مرحلة الوهم إذا لم يسيطر على ذاته، ووقته. أشار إلى أن وهم الكمال يعد اضطرابا نفسيا، وينبغي علاجه ما دام وصل لمرحلة الوهم، وقد يتداخل مع اضطرابات أخرى، وعلاجه يكون بحضور جلسات علاج سلوكي معرفي بهدف تغيير تفكير الإنسان وسلوكه.

كفاح مستمر

أضافت الإخصائية النفسية عائشة الشمراني أن الشخصية المصابة بوهم الكمال تبحث عنه في جميع جوانب حياتها الأسرية، والمهنية، والاجتماعية، والشخصية، فهي لا ترضى بالخطأ، أو النقص أبداً، ونادراً ما تشعر برضا عن ذاتها، وعن الأشياء التي تقوم بإنجازها، فهي في كفاح مستمر لتحقيق توقعاتها المرتفعة دائما، والتأكد من القيام بكل شيء بشكل مثالي، ومن صفاتها التقلب السريع في المزاج، وكثرة النقد، والهروب من الواقع، والميل للإصابة بالاكتئاب، بينما لديها بعض الصفات الإيجابية، فهي خلاقة جدا، ولديها قدرة عالية على الابتكار.

الجانب المهني

تابعت السعي نحو الكمال قد يكون مطلوبا، وصحيا للشخص حتى يساعده على تحقيق أهدافه، ولكن عندما يصبح هاجسا لدى الشخص، ويؤثر على جوانب حياته المهمة، والأساسية، وعلى من حوله فهنا يكون غير صحي وخطرا، فيؤثر كفاحها المستمر للمثالية على حياتها من حيث الجانب المهني، فهي لن ترضى بالخطأ، أو النقص من قبل الموظفين عندما يطلب منهم إنجاز عمل ما، حيث لديها معايير عالية جداً، وتطمح إلى عمل مثالي خال من النقص، وهذا مستحيل مما يجعل الموظفين ينفرون من التعامل معها، ولديها القدرة على استخراج الخطأ، والنقص دائماً، فهي تنظر للنصف الفارغ من الكأس.

التنشئة الأسرية

أضافت: أما من ناحية الجانب الأسري، فهي دائما تطلب من الأبناء المزيد من المثالية في التحصيل الدراسي، على سبيل المثال لن تقبل بأقل من الدرجة الكاملة، وهنا تجعل الأبناء يعيشون تحت ضغط نفسي، وعصبي عال مما يجعل من الأبناء أيضا في المستقبل شخصية باحثة عن الكمال، وهنا يلعب دور التنشئة الأسرية. أما من ناحية الجانب الشخصي، فهي تضع لنفسها أهدافا عالية جدا، وعندما تواجه تحديات أمامها، وتزداد الضغوط من حولها - لأن من الطبيعي أن تحدث أخطاء، أو فشل- فإنها تكون عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب، والقلق.

تجربة مصابة

روت ملاك الحربي تجربتها مع وهم الكمال، حيث إنها أصبحت تلهث خلف المثالية بشكل مريب، ولا تقدم أي عمل ما لم يكن خالياً من العيوب، وترفض تقديم العمل بحجة أنها لا تريد أن يوضع اسمها ضمن عمل غير كامل، أو به أي نقص، ولو كان النقص بسيطاً جداً، مما أدى لعدم قيامها بأي عمل، فكل عمل تقوم به لا تشعر بالرضا عنه، فتتركه، ويذهب وقتها وجهدها هباءً منثوراً، ومع مرور الوقت اكتشفت أن عمرها ضاع دون إنجاز يذكر.

كما أثر ذلك على علاقاتها، وصداقاتها فلا أحد يريد العمل معها، فهذا الهوس يجعلها تتحكم بهم أيضاً مما سبب لهم نفورا. ذكرت أنه بدأ السعي وراء المثالية، والكمال لديها منذ صغرها، حيث كانت والدتها لا ترى في أعمالها سوى العيوب، فعلى سبيل المثال إن نجحت بنسبة 99 % توبخها؛ لأنها لم تحصل على 100 % ، وهكذا حتى في أبسط أمور الحياة العامة إلى أن تمكن منها، وأصبحت مصابة بهذا الوهم.

الباحث عن الكمال يستطيع التغيير بالأفكار الجديدة

01 - أن يكون لديه استبصار بالمشكلة، وأن لديه نزعة كمالية.

02 - تعديل الأفكار الكمالية فالخطأ يعتبر كارثة، والشخص يريد دائماً أن يحقق 100% .

03 - البدء عن طريق التجربة بالتنازل عن هذه الأفكار مثلاً تعمّد الخطأ لتقبل أن ذلك مقبول.