في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي ردت أخت من دولة الكويت الشقيقة على رسالة تدعو للعب لعبة ما في المنزل أثناء الحجر المنزلي بقولها: (ما حسبنا حساب قعدة البيت ولو كنا ندري أن بيجي اليوم اللي نقعد فيه بالبيت وما نطلع كنا أخذنا بيوت فيها سطح أو حوش أو حديقة أو بلكونة).

هذه الرسالة رغم أنها تعتبر «عابرة» نوعا ما، إلا أنها تظهر خلاصة تفكيرنا وتفكرنا قبل تصميم منازلنا، وللأسف فإنه ليس تفكرنا فقط، بل أفكار تم «دحشها» في أدمغتنا، حتى نفكر كيف نجعل بيوتنا ذات حصون وقلاع، وعوازل ساترة وجدر خرسانية بلا فتحات حتى لا يستطيع «الطير» في السماء أن يرى ما بداخل بيوتنا بعكس ما كانت عليه قبل 40 عاما، وهذا ما يعرف بـ«أنثروبولوجيا الإنسان».

حتى تم إلغاء «البلكونات» من معظم تصاميم منازلنا، وتم تحويل المساحات التي كان يمكن أن تكون محطة ألعاب وترفيه مصغرة بما فيها من مسابح وجلسات بسيطة، أو حتى جلسة في الهواء الطلق، ليتم تحويل جميع هذه المساحات لتوفير مساحة لـ«مجلس الرجال» كي لا يضايق «مقلط الرجال»، أما «مجلس النساء» فيجب أن يمر بـ«سيب» ذي عرض أشبه بعرض طريق «أبو حدرية» حتى يصل إلى «مقلط النساء».

وكأننا نقوم بتصميم ضيافة على طريق «قوافل الشام واليمن»، وكأن بيوتنا لن تخلو يوما من الضيوف، حتى أنه لا بد أن تكون هذه «المجالس والمقلطات» مغلقة بإحكام، ولو وجدنا أحدا من «بزاريننا» قد انتهك حرمتها، ودخل فيها ليتراقص أو «ينفس» عن عمره، فبالتأكيد ستكون نهايته أشبه بنهاية «العم معيض»، والطفل الذي كان يبحث عن «لايكات وعلوم زينة» ولم يبحث عنها إلا في هذه المنطقة المحرمة الاستخدام عرفيا لمثل هذه التفاهات، بل الأصل في بنائها أن تبقى مغلقة في انتظار الضيوف والبقية يجلسون في «أوضه وصالة» أشبه بـ«أوضة وصالة برعي» في مسرحية (شاهد ما شفش حاجة).

نظرة للسماء: تقول إحدى الدراسات إن ما يقارب الـ40 % من مساحات منازلنا لا نستخدمها أكثر من 21 مرة طوال العام، وهذا يعني أن هذه المساحات فارغة طوال 344 يوما، وكأن هذه الدراسة تكشف لنا أن ما نقوم به في تعليمنا وبحثنا عن مستقبلنا ومستقبل من نعولهم، نقوم بتفصيله بما يرضي من هم خارج أسوار المنزل وليس من بداخله.