كشف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، أن الوضع الإنساني في اليمن بات بالغ الصعوبة مع انهيار القطاع الصحي وتدهور الأوضاع المعيشية وانتشار المجاعة والنزوح والأمراض، خاصة مع تفشي جائحة كورونا مؤخرًا، وأعرب خلال أعمال مؤتمر المانحين الافتراضي لليمن عن أمله بأن يقدم العالم أجمع تبرعات لليمن تفي بجميع الاحتياجات له ولشعبه.

خطة

أشار لوكوك إلى أن الأمم المتحدة لديها خطة قابلة للتنفيذ، وتقوم بتقديم الإغاثة والمساعدات الإنسانية لأكثر من 10 ملايين شخص في اليمن، مما ساعد على إعادة اليمن إلى الأوضاع الطبيعية نسبيا، وقال "لابد أن نكون قادرين على مساعدة الأسر اليمنية، وعلى مجابهة فيروس كورونا، والحصول على الاحتياجات الأساسية للبقاء بأمان من هذا الفايروس".

41 برنامج مساعد

دعت الحكومة اليمنية إلى مواصلة العمل والتطور لتفادي المخاطر، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر هو التموين، وأن أكثر من 41 برنامجا لتقديم المساعدات في اليمن سيغلق وسينتهي في غضون هذا العام إذا لم يتم تقديم التمويل الكافي، مبينا أن فرق الاستجابة لفيروس كورونا ستبقى حتى نهاية شهر يوليو، وفي الشهر القادم ستنخفض الميزانية، والدعم للمنشآت الصحية سيتوقف إلا إذا تم تقديم المساعدات من قبل الجميع.

وطالب باستكمال تمويل البرامج السابقة من الدول المانحة، وأن تكون هناك آلية تمويل مرنة لتقديم هذه المساعدات ليستطيع اليمن النهوض مرة أخرى.

شكر وتقدير

بدوره أعرب رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك سعيد، في كلمة عبر فيها عن شكره لقيادة المملكة العربية السعودية على احتضان ورعاية هذا المؤتمر، وعلى ما بذلته من جهود كبيرة في التحضير له والعمل على ضمان نجاحه، وعلى قيادتها جهود حشد الموارد المالية للإسهام في مواجهة التحديات الإنسانية التي يواجهها الشعب اليمني والتخفيف من معاناته، وإعلانها الكريم عن تخصيص 500 مليون دولار لدعم الخطة الإنسانية لهذا العام، و25 مليون دولار لجهود مكافحة كورونا في اليمن.

وقال دولته: إن هذا المؤتمر ينعقد لدعم الشعب اليمني، ودعم جهود التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي كانت النتيجة المباشرة للانقلاب والحرب التي فجرتها ميليشيا الانقلاب الحوثية منذ العام 2014م، وفي ظرف استثنائي خطير تواجه فيه البشرية خطرا مشتركا يهدد الإنسان في كل مكان على وجه الأرض، ويضع منجزات الحضارة الإنسانية وقيمها وبُناها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مهب أزمة غير مسبوقة، واليمن يعاني الأوضاع الصعبة على مستوى العالم، بفعل الانقلاب والحرب والنزاعات ونهب مقدرات الدولة من قبل الحوثيين في المناطق التي يحتلونها، وفرضهم لجبايات هائلة تثقل كاهل المواطنين وتسخيرها للحرب.

جهود تخفيف الأزمة

أضاف أن اليمن يعاني كذلك من جائحة كورونا ومن أنواع خطيرة من الأمراض والحميّات التي تضرب مدن وقرى اليمن، وتهدد شعبنا بالموت والفناء، في ظل نظام صحي متهالك بفعل الأوضاع الاقتصادية التي تزداد سوءًا بسبب الحرب وانخفاض أسعار النفط العالمية التي قلصت المورد الشحيح من التصدير وبفعل الأوضاع المضطربة في العاصمة المؤقتة عدن، كل ما سبق يهدد ما تحقق خلال السنوات الماضية وما تم عمله طوال العام الماضي منذ مؤتمر الاستجابة بجنيف، الذي حققنا فيه قدرًا يسيرًا من التعافي باستعادة نشاط مؤسسات الدولة وانتظام حركة الاقتصاد والتجارة، ودفع الرواتب والأجور وإضافة قرابة 120 ألف مستحق جديد بين موظف ومتقاعد في الدولة على المستوى الوطني، وخفض معدلات التضخم والإصلاحات المالية العامة التي بدأت بتحقيق تحسن ملموس خلال العام المالي 2019.

وتابع يقول: لقد عملت الحكومة اليمنية على تسخير جلّ مواردها ومقدراتها للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في البلاد من خلال دفع الرواتب والتوسع في دفعها تدريجيا في القطاع المدني على مستوى البلاد، ومن خلال دعم أسعار السلع الأساسية وضمان وصولها بأسعار معقولة للمواطنين في كل مناطق اليمن، ومن خلال العمل على إيقاف تدهور سعر العملة وخفض مستوى التضخم وتفعيل منظومة مكافحة الفساد وانتهاج الشفافية والمساءلة، ومن خلال رفع مستوى الإيرادات غير النفطية وتحسين البنية التحتية لرفع مستوى الإيرادات النفطية، ومن خلال التعاون الواسع مع القطاع الخاص وتقديم التسهيلات المطلوبة له.

رواتب القطاع المدني

أوضح رئيس مجلس الوزراء اليمني أن الحكومة، بالتعاون مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن السيد مارتن غريفيث، بادرت بوضع خطة لتغطية المتبقي من رواتب القطاع المدني في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من خلال تخصيص العوائد الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية في ميناء الحديدة لدفع الرواتب عبر حساب خاص في فرع البنك المركزي لمدينة الحديدة، وتحت إشراف مكتب مبعوث الأمين العام إلى اليمن، لكنهم فوجئوا بنهب الحوثيين للمبالغ التي تم تجميعها والتي تتجاوز 35 مليار ريال يمني، ومازلوا ينتظرون موقفا حازما حيال هذا الخرق الفاضح للتفاهمات التي ترعاها الأمم المتحدة، والاستخفاف الذي يبديه الحوثيون بالمجتمع الدولي وبمعاناة المواطنين.

أولوية تغطية العجز

ودعا الدكتور معين عبدالملك سعيد إلى إعطاء أولوية بصورة عاجلة لتغطية العجز في المرتبات لما لذلك من أثر مباشر في تخفيف معاناة شريحة واسعة من المواطنين وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية ومساعدتهم في اتخاذ التدابير الوقائية في مواجهة كارثة كورونا، كما دعا الدول المانحة والمنظمات الدولية للوصول مع الحكومة اليمنية إلى خطة مشتركة وتبني سياسات مناسبة وإنجاز رؤية متكاملة لتوظيف المنح والمساعدات بطريقة فعالة تخفف من معاناة الناس وتحسن من شروط الحياة في ظل الانقلاب والحرب، فقد أثبتت التجارب أن مساندة المؤسسات لاستعادة دورها في تقديم الخدمات هو الأكثر نجاعة ويحقق استدامة ويضمن استمراريتها.

وأكد أن الحكومة اليمنية وجهت نداءات علنية متكررة للحوثيين من أجل توحيد الجهود لمواجهة جائحة كورونا وتبني سياسات صحية موحدة وتسخير الإمكانيات كافة لمواجهة هذه الجائحة، وأعلنت من أجل ذلك مع تحالف دعم الشرعية وقف إطلاق النار من جانب واحد، كل هذه المبادرات لم تلق إلا التجاهل والرفض من قبل الحوثيين الذين ذهبوا في حالة إنكار للمرض وأسدلوا ستارا من العتمة والتعتيم حول الوضع الصحي في المناطق التي يحتلونها، وأخضعوا الطواقم الطبية للترهيب، ومارسوا ترويعا للمجتمع المدني، وأعمالا لا إنسانية بحق المشتبهين بالإصابة وبحق عائلاتهم، إن استمرارهم في التسييس ورفضهم المبادرات المقدمة من الحكومة وغياب الشفافية في الوقت الذي نواجه فيه مخاطر انتشار واسع للمرض مع وجود شحّ في أدوات الفحص والعلاج وتهالك النظام الصحي وتفشي المجاعة هو خطيئة كبرى.

مواجهة كورونا

وتطرق إلى أن اليمن يواجه كوفيد-19 بأقل نسبة اختبار لعدد السكان بأقل من 100 فحص لكل مليون مواطن حتى الآن، ويوجد لدينا في حدود 150 جهاز تنفس و500 سرير عناية مركزة فقط على المستوى الوطني، وقرابة 20% من المديريات الـ 333 على مستوى اليمن ليس لديها طبيب واحد يغطي احتياجاتها، وإضافة لخطورة الوباء زادت الفيضانات الأخيرة مع ضعف نظام الإصحاح البيئي من عودة مخاطر تفشي أوبئة الكوليرا والملاريا وحمى الضنك وغيرها من الأوبئة، في بلد يفتقر 80% من سكانه إلى المياه الصالحة للشرب، مما يجعل حالات كثيرة معرضة للموت نتيجة لانعدام فرص تلقي العلاج أو الرعاية اللازمة، مع تضاعف الأعباء وخاصة لدى شريحة النازحين التي تعاني من أوضاع بالغة الصعوبة بعد أن وصل عدد النازحين داخليا إلى أكثر من 3 ملايين و600 ألف نازح.

الدور القيادي

أكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور أحمد الصباح، أن أعمال مؤتمر المانحين لليمن يوضح الدور القيادي للمملكة العربية السعودية واهتمام المجتمع الدولي بالأزمة الحالية باليمن، آملاً أن تعود الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار لليمن، لافتاً الانتباه إلى أن الجهود المكثفة من قبل المملكة التي انتهت بـمؤتمر الرياض الأخير، وذلك لمحاولة سد الفراغات بين جميع الأطراف المتناقشة على طاولة الحوار في اليمن، مشيراً إلى دعم الكويت للجهود التي بدأها الأمين العام للأمم المتحدة وبدعم من مجلس الأمن التي تطالب جميع الأطراف في اليمن بإيقاف جميع الأعمال العدائية.

الدعم المستمر

أكد وزير خارجية مملكة البحرين الدكتور عبداللطيف الزياني، أن هذه المبادرة لعقد هذا المؤتمر الدولي المهم هو دليل ناصع على دعم المملكة المستمر لليمن ولشعبه الشقيق، معرباً عن تقدير ودعم مملكة البحرين والجهود المتواصلة التي تقوم بها الأمم المتحدة لإحلال الأمن والسلم في اليمن، مشيداً بالدعوة المخلصة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو بوتيرش لوقف عالمي فوري لإطلاق النار، وتسخير الجهود الدولية لمواجهة فيروس كورونا التي لقيت استجابة فورية من تحالف دعم الشرعية في اليمن بإعلانه عن وقف إطلاق النار شامل في اليمن.

وأوضح أن الحوثيين لم يبدوا أي استجابة تجاه هذه الدعوة الكريمة بل واصلوا اعتداءاتهم وانتهاكاتهم لوقف إطلاق النار ورفضوا التعاون والتجاوب مع الجهود الدولية الإنسانية لمواجهة انتشار فيروس كورونا.