كان في اعتقاد نفر من الناس -وأنا من أولئك النفر- أن مسألة نظرية المؤامرة التي أحاطت بقضية فيروس كورونا الجديد، قد وئدت في حينها وانتهت ورحلت دون رجعة، لكن يبدو -ومن خلال التعريض وتلميحات الخاصة ومدار أحاديث العامة- أن هذه النظرية ما تزال قائمة، على الرغم من تجاوز الجائحة الناتجة عن هذا الفيروس فترة زمنية ليست قصيرة.

ورغم الأحداث الجسام التي أحدثتها هذه الجائحة، وعلى تداعياتها وآثارها الكبيرة عالميا، خاصة على المستويين السياسي والاقتصادي، مسببة ركودا عالميا لم يسبق له مثيل، ورغم بقاياها السيئة في المجتمع على صعيد العلاقات الإنسانية المتعثرة، يبدو أن الروايات التي تم الطعن في احتمال حدوثها، وجرى التشكيك في مصداقيتها منذ ابتداء هذه الأزمة، بدأت تأخذ منحى ومنعطفا مغايرا. فها هي تخرج من دائرة الشك لتحطّ بظلالها في دائرة شبه الثبوت واليقين عند البعض.

الدعوات المتكررة للقيام بتحقيق دولي عن حقيقة مصدر هذا الفيروس، والمطالبات المتكررة بتعويضات مجزية تذهب عوائدها للمتضررين منه، قد تكون خلف ذاك التحول، فضلا عن تلك الأخبار المربكة الواردة من إيطاليا الرافضة -في الأساس- كثيرا من الإجراءات الاحترازية المفروضة من منظمة الصحة العالمية، والأخبار التي تشير إلى وجود تواطؤ وتكتم من المسؤولين في منظمة الصحة العاليمة، بخصوص المعلومات الخاصة بهذا الفيروس.

من جملة ما قيل وأشيع، ومن أقوى وأشد تلك النظريات تداولا بين العوام، تلك النظرية التي تقول إن الفيروس وُجد أو أُوجد بغرض التأثير على الاقتصاد العالمي، قد خُص بذلك الأمر دولتان اثنتان، تمت الإشارة إليهما صراحةً في روايات الحرب الاقتصادية، هما: الصين والولايات المتحدة الأمريكية. الحرب الاقتصادية بين الدولتين أخذت مسارا حادا أواخر 2019، وهي ليست بالأمر الخفي، والهدف المعلن خلف تلك الحروب الاقتصادية، هو «كسر الخشوم ودك الأعناق» -كما يقال- بغية السيطرة على مفاصل الاقتصاد العالي، وبالتالي الاستمرار في قيادة وحيازة وزعامة العالم.

نظرية المؤامرة هذه، لها من يؤيدها كما لها من يعارضها، والمؤيدون لها لديهم أدلتهم الدامغة التي ارتكزوا عليها -على حد زعمهم- ويمكن الرجوع إليها من خلال الفيديوهات الموجودة على منصة «يوتيوب»، والتي تشرح بتفصيل دقيق أسباب ودوافع هذه الحرب، مع الاستشهاد بقرائن ومستندات تم الحصول عليها بطرق لم يفصح عن معظمها. يذكر أن تلك الفيديوهات حققت نسبا وأرقاما عالية من المشاهدات، وقد أظهرت مستندات متبادلة بين مسؤولين كبار، بعضا من تلك السيناريوهات تعود أحداثها إلى سنين مضت، وقد أخذ كثيرون بتلك المقاطع المصورة، وارتقت لديهم إلى درجة عالية من القبول، فيما لا يزال المعارضون لهذه النظرية يفنّدون تلك الإدعاءات، بما يمتلكونه من أدلة وإثباتات مقنعة، إلى حدٍ ما، وقد ترتقي هي أيضا إلى درجة المصداقية.