أثبت القطاع الصحي بلا شك أنه العمود الفقري للحياة الطبيعية في جميع بلدان العالم، وأثبتت جائحة كورونا أن الممارسين الصحيين كانوا وما زالوا يقدمون تضحيات ضخمة للبشرية، رغم الهجوم غير المبرر عليهم بين الفينة والأخرى، وبعد تحمل القطاع الصحي الضغوطات الرهيبة وقت الجائحة التي صالت وجالت عبر العالم وأكلت الأخضر واليابس، عليهم إكمال مهمتهم النبيلة والتعامل مع (التوافد) البشري العالي بعد رفع المنع بمعظم البلدان، لتعويض نقص الخدمات الطبية التقليدية أثناء الجائحة.

تشير الأرقام الصادرة عن الجمعية البريطانية للجراحة والصادرة عن 560 مستشفى في 60 دولة مختلفة، إلى أنه خلال 12 أسبوعا فقط من أزمة كورونا العالمية تم تأجيل 28,4 مليون عملية، أي ما يوازي 72 % من مجمل العمليات المفروض عملها في ذلك الوقت (منها 2,3 مليون عملية تخص مرضى الأورام)، وتشير الأرقام نفسها الصادرة بالتقرير إلى أن هناك أكثر من 113 ألف عملية تم تأجيلها بالمملكة العربية السعودية على أقل تقدير، وذكر التقرير أن تلك العمليات تحتاج فترة طويلة جدا لإعادة إنجازها وجدولتها بالشكل المطلوب.

شخصيا أعتقد أن مدى الضرر الطبي الذي لحق بالخدمات الطبية نظراً للجائحة سوف تكون له آثار طبية بعيدة المدى ومنها:

1 - فقدان السيطرة على انتشار بعض الأورام التي كانت تتطلب تدخلا جراحيا مبكرا.

2 - فقدان السيطرة العلاجية على كثير من الأمراض المزمنة التي كانت تحتاج متابعة دورية مستمرة.

3 - وجود مضاعفات طبية لأمراض كان من الأفضل السيطرة عليها في الوقت المناسب مثل تجلطات الشرايين والأوردة.

4 - توقف العمل التشخيص لأغلب الأورام نتيجة الضغط على الأنظمة الصحية بالعالم.

محليا.... ليس بالإمكان الخروج من المشاكل السابقة لأن الجائحة عالمية، وقد شلت الأرض من مشرقها لمغربها، ولكن هناك بعض الحلول التسريعية قد تسهم في تحسين الخدمة الطبية ومنها:

1 - فتح أوقات العمل الإضافية بجميع المستشفيات، خاصة أقسام الجراحة لمحاولة تقليص فترة الانتظار العالية.

2 - فتح الرحلات الدولية لتوظيف الممارسين الصحيين بشكل عاجل لأن القطاع الطبي الآن يعمل بإنهاك كبير، ويحتاج إلى تقليص العجز الواضح بأغلب المستشفيات.

3 - تسريع إجراءات توظيف الممارسين الصحيين من الخارج، وتوجيه الملحقيات الثقافية بالتوقف عن مصادقة الشهادات الصحية، لأن الممارسين الصحيين سوف يتم فرزهم مرة أخرى عبر الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، ولن يستطيع أي ممارس صحي العمل دون رخصة الهيئة السعودية.

4 - إكمال المشاريع التعليمية الرائدة لسعودة القطاع الطبي مثل برامج مساعد التمريض ومساعد طبيب الأسنان والتوسع فيها.

5 - التعاون مع القطاع الطبي الخاص لتسريع إجراء عمليات اليوم الواحد وتقليل فترة الانتظار العالية.

الحياة تمضي والأمراض المزمنة تفتك بالبشر، ولكن علينا الاستمرار بمكافحة الأمراض مثل (المياه البيضاء) بالعيون، وتضخم اللوزتين وتجلطات الشرايين والتي تنتظر (زوال) الآنسة كورونا واختفاءها حتى (تعطب) البشر.