بعد إعلان إيران مواصلة أنشطتها النووية، ردّا على تصريح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو -الأسبوع الماضي- بإنهاء الإعفاءات من العقوبات على النووي الإيراني، يبرز التساؤل حول إمكانية عودة إيران إلى طاولة المفاوضات.

الإعفاءات الأخيرة التي أنهتها الولايات المتحدة متعلقةٌ بعمل الشركات الروسية والصينية والأوروبية، في بعض المواقع النووية الحساسة بإيران.

هذه الشركات منخرطة في أعمال تشغيلية للبرنامج النووي الإيراني لأغراض سلمية، منها: توفير الوقود النووي، وإعادة تصدير الوقود المستهلك والخردة من محطة بوشهر النووية، ومفاعل آراك للماء الثقيل، ومفاعل طهران البحثي.

وقد أُمهلت الشركة الروسية التي تعمل في مفاعل بوشهر 90 يوما لإنهاء كل أنشطتها بإيران. أما بقية الشركات في الأماكن الأخرى فأُمهلت 60 يوما فقط.

أحد أهم بنود خطة العمل الشاملة المشتركة «JCPOA»، هو إعادة تصميم مفاعل أراك للماء الثقيل، والسبب أن مفاعل الماء الثقيل بالتصميم السابق، سينتج كمية كبيرة من البلوتونيوم كافية لصنع قنبلتين سنويّا، والشركات التي تولّت عملية إعادة التصميم والبناء هي شركات صينية وروسية وأوروبية، وقد سمح لها بمواصلة العمل بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي عام 2018.

والآن، بعد إيقاف هذا الاستثناء، ستضطر تلك الشركات إلى المغادرة، كي لا تطالها عقوبات أمريكية.

يخشى بعض الخبراء من أن تعود إيران إلى التصميم السابق بعد مغادرة الشركات الأجنبية، أي إلى ما قبل الاتفاق النووي، ولكن هذا سيتطلب منها وقتا طويلا، وقدرات فنية قد لا تمتلكها إيران.

لقد تسببت الخطوة الأمريكية في استياء بعض الدول، مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وهم أطراف في الاتفاق النووي، وما زالوا ملتزمين به، إذ يرون أن تلك الاستثناءات أساسية لضمان سلمية البرنامج النووي الإيراني.

كذلك الصين، عارضت إنهاء الإعفاءات، وعدّته تقويضا للجهود الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية، ولكن الحقيقة أن الاتفاق النووي هو بين طرفين «أمريكي وإيراني»، أما بقية الأطراف، فليست بتلك الأهمية.

وجميع تلك الدول التي عارضت إنهاء الإعفاءات، لديها مصالح اقتصادية، فستتوقف استثمارات شركاتها التي تعمل في المنشآت النووية الإيرانية.

إن توقيت عودة إيران إلى المفاوضات، سيعتمد -بالدرجة الأولى- على المدة التي يمكن لها أن تصمد أمام العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

حاليا، تريد إيران كسب مزيد من الوقت إلى أن تظهر نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، فإن فاز ترمب بولاية جديدة، فسيكون ذلك خيبة أمل كبيرة للإيرانيين، وهناك احتمال كبير أن يكون التفاوض على اتفاق نووي جديد هو المخرج الوحيد لإيران، لتخفيف الأعباء الاقتصادية التي أثقلت كاهلها المتهالك اقتصاديا.

أما الاحتمال الأضعف والأبعد، فهو تسريع برنامجها النووي، لمحاولة الضغط على المجتمع الدولي للرجوع إلى الاتفاق السابق.

وقد بدأت إيران في بعض الخطوات بهذا الاتجاه، منها زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب عما هو متفق عليه في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة، وكذلك استخدامها أجهزة طرد مركزي متطورة، وكل هذا مذكور في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفيما يبدو أن خطوة كتلك لن تجد لها أي تجاوب مع إدارة الرئيس ترمب في حال فوزه.