بُلينا بنوعين من التطرّف في «النقد». فطرف جعل من الإرجاف وإثارة الهلع في الناس نوعا من النقد البنّاء. وطرف معاكس جعل من النقد الإيجابي نوعا من الإرجاف.

ولذا نرى الطابور الخامس، في الداخل سابقا والخارج حاليا، يمارسون النفاق بالإرجاف وبمعلومات كاذبة وملفقة ضد أمن البلاد ومصالح العباد.

وفي المقابل، نرى في الداخل من يحرم النقد ويستعدي عليه، مما يعني التستر على التقصير الإداري والفساد المالي، وبالتالي إثارة السخط والإحباط في قلوب الناس، وإعطاء المتابعين في الخارج الانطباع بأن حرية التعبير غير متحققة وحق النقد غير مصان، في حين أن الدول تمارس هذا النقد البناء عبر سلطتها التشريعية وتحت قبتها البرلمانية، فضلاً عن كُتاب الرأي، ناهيك عن المغردين، ولا أحد فوق النقد إلا القيادة السياسية، فيكون عبر الكتابة لها سرّاً.

وأما السلطات الثلاث وممارساتها الخدمية، فنقدها واجب على القادر، ويعدّ من فروض الكفاية، ومما يحتسب فيه.

وإني لأعجب من أناس لا يتحملون حتى نقد أداء وزارة خدمية تتعلق بها أرواح الناس، وكأننا نعطي الانطباع الخاطئ للعالم بأن حرية الرأي غير مصانة، وأن الوزراء معصومون، والوزارات مقدسة لا يجوز نقدها.

والحكم الرشيد في توازن صمامات الأمان الذاتي عبر مسؤول يعمل ومواطن يتابع، فيشكر إذا أحسن وينقد إذا أساء، ولا يليق المزايدات على حساب الوطن والمواطنين.

ونعوذ بالله من إرجاف المنافقين والمطبلين والمزايدين.