المتأمل لواقع المجتمعات البشرية يلحظ أن الغالبية ينقادون لمسلمات فكرية تقليدية ماضوية، دون وعي بها ولا إدراك لحقيقتها، وبشكل لا إرادي، كما أنهم ينقادون للخطاب المنمق دون تأمل وتفكيك وإعادة توثق من مصداقيته.

ولذا، يسهل خداع المتلقّين حسب قدرة المتكلم على التلبس والتبرير وتمرير ما يريده على المخاطَبين، حتى لو كانوا كبارا في السن، ومن حاملي الشهادات، لأن هناك زوايا في العقل البشري قد لا يتنبه الإنسان لها، فتورده المهالك.

والعاقل الرشيد ينصت ولا يقاطع، ثم يناقش ولا يغالط، ثم يتأمل فيقرر ما يقتنع منه وما ينكره، حسب المنطق لا الهوى.

وهناك ما يسمى «سياسة القطيع»، بحيث أحدهم يتكلم والآخرون يرددون بلا وعي، والذي يسمى في اللهجة العامية «الدرعمة». والحكيم هو الذي لا ينقاد بجهل ولا يعاند بحمق، والحكمة ضالة المؤمن، وهو أحق الناس بها أنى وجدها.

ومن السهولة أن ترى خبرا ملفّقا تماما، قد كتبه أحدهم فيصدقه الناس دون وعي، ولذا يسهل انتشار الإشاعات في المجتمعات التقليدية والبعيدة عن الفكر والتفكر والتأمل، وهذا كله بسبب التربية الاجتماعية والمنهج التعليمي والبيئة العامة.

ولذا، عليك التمسك بمن يسألك وربما يعارضك قبل أن يقتنع، وإياك من الذي يطاوعك مطلقا، وينقاد لك باستسلام ودون وعي، لأنه سينقاد لغيرك غدا، فلا أمان فكريّا له، ولا استقرار في التعامل معه. فلا يهمك المنقاد وإنما المقتنع.