من سُنة نبينا -عليه الصلاة والسلام- مبدأ «ما بال أقوام»، فليس المعتبر «الشخص» وإنما «سلوكه» الذي يتم التعليق عليه.

فإن كان إيجابيّا فلا بأس بذكر شخصه من باب التقدير والاقتداء، وإن كان سلبيّا فلا يجوز تسميته من باب الغيبة والتشهير.

فضلا عن أن العبرة باستنكار «السلوك» لا «السالك»، كما أنه أدعى لقبول المقصود للإنكار، وأحكم في تعميم النصيحة للعموم.

وحينما نكتب «الرأي» فليس مقصوده كمن ينظم قصيدة غزلية أو رموزا بيزنطية، وإنما الغرض «المصلحة العامة».

ولذا، يقال في المثل «أشير إلى القمر، والأحمق ينظر إلى أصبعي»، فالنموذج عند ذكره وفي سياقه العام ليس هو المراد، وإنما المغزى منه كونه مجرد مثال للتوضيح والتأكيد والاستدلال به على واقع عام نشير إليه بالاستنكار، ونهدف إلى الإصلاح.

ولذا، نرى أن النقد في حال تحوله من تعميم إلى تخصيص وشخصنة، فإنه يفقد الهدف السامي والرسالة النبيلة.

ولا يتمنى المحب أن تصدق تحذيراته، ويحزن حينما يرى مصداق نصحه وقد وقع خلال ساعات وأيام.

فالنقد لا يكون لهدف شخصي، ولا للتشفي والشماتة، ولا يجوز أن يكون للظلم والهدم، وإنما يكون بهدف نبيل ورغبة البناء وروح السلامة.

والذي يخالط الناس ليحتسب في خدمتهم، ويتحمل أذاهم، خير من الذي ينأى بنفسه بروح أنانية حتى يسلم هو دون غيره.

ونسأل الله الصحة والعافية لجميع البشر.

وفي كل كبدة رطبة أجر.