قبل حوالي 4 أشهر، صدرت أوامر تنظيمية من مجلس الوزراء بإلغاء وحدات المتابعة في الأجهزة الحكومية، ونقل نشاطاتها إلى وحدات المراجعة الداخلية. أيضا، نصت القرارات على ضرورة نقل التحقيقات الناتجة عن عمليات الرقابة إلى وحدات الشؤون القانونية، وكذلك نقل أعمال مراقبة الدوام إلى إدارات الموارد البشرية. كما تم إلغاء إدارات التطوير الإداري، وتحويل أعمالها التطويرية إلى وحدات التميز المؤسسي.

لن أتحدث -بطبيعة الحال- عن التأخر الذي يحدث في تفعيل هذه القرارات من بعض الجهات الحكومية، خصوصا أنني أعتقد -بشكل شخصي- أن هذا التأخير جاء كإحدى النتائج التي صاحبت انشغال الجهات بأوضاعها في مواجهة الجائحة.

على كل حال، يرى رجال التخطيط أن المستقبل دائما ما يكون حافلا بالتغيير والانقلاب في أية لحظة، وبالتالي فإن من الضرورة أن تكون المنظمات دائما متحفزة ويقظة وجاهزة، لمواجهة ما قد يحدث من مستجدات في محيطها القريب والبعيد.

ولذلك، فإنني أعتقد أن الإجراءات التي صدرت من مجلس الوزراء، إضافة إلى أنها محورية ورئيسية في إعادة ضبط هذا المحور من العمل الرقابي والتطويري في توجهات المؤسسات الحكومية، فهي تؤكد -كذلك- أهمية ترشيق المؤسسات وتجهيزها، للتماشي مع المستقبل وظروفه.

لو كنت مستشارا لأحد رؤساء أجهزة الدولة، فسأشير عليه بأن يرفع إلى صاحب الصلاحية طلبا بالموافقة على إعادة هيكلة بعض الإدارات، ووضعها في وكالة مستقلة. الإدارات التي تبحث في مستقبل المؤسسة، من الضرورة أن تُبعد عن العمل التشغيلي اليومي.

أقصد، أن على رؤساء الأجهزة أن يضعوا تحتهم وكلاء أو مساعدين، للتخطيط والتميز والرقابة، ويتم نقل إدارات التخطيط والتميز والجودة والتطوير والمراجعة الداخلية، لتكون تحت مظلة هذا المساعد.

مهمة هذا المساعد هي إمداد الرئيس والإدارة العليا بالطريق المستقبلي الذي يجب على المؤسسة أن تسير فيه. وأيضا، يقع على عاتقه ضرورة بسط وفرض ونشرالشفافية، كأمرٍ لا مفر منه بين الجهات الداخلية في المؤسسة، ووضعه كأولى أولوياته.

بدون شفافية يصبح هناك خلط كبير بين مهام الإدارات المتناثرة في الوزارة أو الجهاز، مما يترتب عليه أن تسير المؤسسة في حقل مليء بالألغام الإدارية.

يرى بيتر دركر -قبل 70 عاما- أن عمال المعرفة هم أولئك العاملون أصحاب المستوى العالي من المعارف، الذين ينشئون المعرفة ويطبقونها بهدف تطوير المنتجات والخدمات.

اليوم، أعتقد أن عمال المعرفة تغيّروا مع عوامل التعلم والتعليم. في ظني أن عمال المعرفة الآن، هم الموظفون العاملون الذين يقفون بأرجلهم على هذه الإدارات، بينما عقولهم وعيونهم على مستقبل العمل والعاملين في المؤسسة.