قطاع السياحة والسفر جاء على رأس القطاعات الأكثر تضرراً من جائحة كورونا، بسبب القيود التي فرضت على السفر جراء الجائحة التي ضربت العالم، وشلت حركة السياح.

ولكن يبدو أن جائحة كورونا ستعيد ترتيب أولويات العديد من هواة السفر، حيث سيشهد القطاع تغيّرات كبرى بالنظر لتأثيرات الجائحة، من أبرزها تراجع السياحة الخارجية مع تزايد أعداد الدول التي ظهرت فيها حالات كورونا، وفي المقابل تحسن السياحة الداخلية، لا سيما مع توقف الطيران وإغلاق المطارات في معظم الدول وقد يمتد ذلك إلى نهاية العام.

ويمكن أن نقول «رب ضارة نافعة» فمع القيود التي فرضها الوباء على دول العالم، وفي ظل ما سيخلقه السفر إلى الخارج من تخوف الكثيرين حتى بعد انتهاء الجائحة، لم يعد أمام السعودي خيار سوى التوجه للسياحة الداخلية، مكتشفا أماكن لم يسبق له زيارتها، حيث ظل لسنوات يتجه للخارج، منفقا أموالا طائلة تصب في مصلحة البلدان السياحية.

فبحسب بعض الإحصائيات، يبلغ إنفاق السعوديين على السياحة حوالي (44) مليار ريال سنوياً، منها أكثر من (69 %) تنفق على السياحة الخارجية، و(31 %) تنفق على الداخلية، وبالطبع وضعت هذه الأرقام السعودي ضمن تصنيف الأعلى إنفاقا على مستوى العالم، حيث تشير بعض التصنيفات إلى أنه الثالث عالميا من حيث الإنفاق سياحيا. اليوم وبعد إيقاف الرحلات الخارجية انتعشت السياحة الداخلية، من وجهة نظري هناك أسباب متعدده زادت من توجه المواطن إلى تفضيل السفر داخل حدود الوطن، فالرؤية الجديدة لقطاع السياحة المحلية بدأت معالمها تتضح بعدما نجحت المملكة في احتواء كورونا بسلسلة من الإجراءات بمنظومة حكومية متكاملة، ومن ذلك ما بثته وزارة السياحة فينا من أمل بتنشيط هذا القطاع داخل المملكة، بإعداد حزمة من البرامج، أتوقع أن يكون لها دور كبير في تنمية وتشجيع السياحة الداخلية فيما بعد كورونا.

ويأتي موسم صيف السعودية (تنفس) كأحد أبرز البرامج التي أطلقتها الوزارة في هذا الوقت تحديدا، والتي ستعزز من جهودها الرامية إلى إنعاش القطاع السياحي الأكثر تأثرا من تداعيات الأزمة، حيث يعد فرصة رائعة لاكتشاف الوجهات السياحية التي تتوزع حول المملكة لتغطي معظم نقاط الجذب السياحي، في تنوع هائل للأنشطة والفعاليات التي سيستمتع من خلالها السائح باكتشاف الطبيعة الساحرة، والتنوع المناخي، والعمق التاريخي، والثقافة السعودية في عشر وجهات سياحية، بدءا من تبوك في أقصى الشمال التي تضم الأودية الخصبة والمناطق الرملية وعجائب التشكيلات الصخرية، مرورا بالشواطئ الساحرة والهادئة في أملج وينبع، ثم مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بشاطئها الخلاب وأنشطتها الترفيهية، وجدة بتاريخها وجاذبيتها، وصعودا عبر سلسلة جبال السروات في الطريق إلى الطائف مصيف العرب، والغابات الكثيفة والأجواء الباردة والقرى التاريخية في الباحة، وصولا إلى مرتفعات عسير وقمم جبال أبها الشامخة بتراثها وثقافتها وفنونها، وتستمر رحلة موسم صيف السعودية من القلب النابض للمملكة في العاصمة الرياض وصولا إلى المنطقة الشرقية. أضف إلى ذلك أنها أكثر أمانا للعائلة.

السياحة من الأعمدة الرئيسية للإصلاحات الاقتصادية في السعودية التي تضمنتها رؤية 2030 التي سعت لتسويق المملكة كوجهة سياحية إقليميا وعالميا من خلال تطوير بنية تحتية، وإعداد الأنظمة والتشريعات، وبناء القدرات المؤسسية، لتسهم في خلق فرص وظيفية واستثمارية وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد، بأكثر من عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعا من ثلاثة في المئة حاليا.

.. همسة في أذن كل سائح..

قطاعاتنا في كل المجالات تبذل قصارى جهدها لتظهر بأحسن صورة.. فعلينا ألا ننسى كسائحين أن نشكر أكثر مما ننتقد.. وأن نفرح بهذا التطور والإنجاز، ونحكي عن جمال ما لدينا من كنوز سياحية ونظهرها للعالم من خلال وسائل التواصل أكثر مما نتصيد الأخطاء وننثرها بالمواقع الإلكترونية.

وفي الأول والآخر.. يحدونا الأمل هذا العام والذي يليه وصولا إلى 2030 بأن تثمر الجهود الدؤوبة عن زيادة الإقبال على السياحة الداخلية، حتى يتحقق الحلم وتنعكس الأرقام ويكون الإنفاق أعلى من الإنفاق على السياحة الخارجية. وحتى نكون كسعوديين أقوى عامل جذب لسياح الخارج لتحقيق أحد أهداف رؤيتنا الواعدة بالنهوض بقطاع السياحة، ليعود نفعه علينا وعلى هذا الوطن الغالي بكل خير.