يستحق كل ممارس صحي عمل في هذه الأزمة سواء أكان في الصفوف الأولى لمواجهة الفيروس، أو عبر العيادات الخارجية، ممرض وفني ومساعد صحي وأخصائي واستشاري وطبيب يستحقون امتنانا جميعا.

ولكن امتنان هيئة التخصصات الصحية جاء في قالب مختلف، حيث كانت مبادرتهم بالتسجيل المؤقت لمدة 5 أشهر والذي يعني بأنه قادر على ممارسة مهنته الطبية بشرط اكتمال أوراقه بعد 6 أشهر، بحسب إفادة حساب الهيئة بعد سؤالي لهم حتى أتأكد من ذلك، على الرغم من أن المادة الثالثة عشرة من لائحة التصنيف والتسجيل المهني تفيد بأحقية المتقدم للهيئة بالحصول على تسجيل مؤقت، ولكن ذلك لا يعني السماح بالممارسة المهنية!.

نفهم من ذلك أن التسجيل المؤقت هو حق أصيل لكل ممارس صحي تقدم بطلب التصنيف، وتم قبوله من الهيئة سواء قبل جائحة كورونا أو أثناءها أو حتى بعدها ما دامت اللائحة سارية واستفادت الهيئة من ذلك.

وأتى الإعلان في قالب الامتنان. ولكن الذي لم نفهمه حتى الآن هو عدم واقعية اللوائح والأنظمة الصحية.

سأبدأ أولا بنظام مزاولة المهن الصحية، قبل أن يتم اعتماده، دعت وزارة الصحة مشكورة المهتمين لإبداء آرائهم حول النظام، وكانت ملاحظتي هي التساهل في منح التراخيص المذكورة في المادة الثانية، والتي تخول الجهة الصحية في حال استقدامها لأي أجنبي بمنحه الترخيص حتى يستكمل أوراقه، وهذا يعني السماح بممارسته المهنية، والمؤسف أن هذه المادة فيها تفضيل كبير للأجنبي على الرغم من أهلية الممارس الصحي السعودي، بل ويعزز فكرة الاعتماد على الأجنبي لأنه الأسهل وصولا ومباشرة تخصصه.

أما فيما يتعلق بالتسجيل المؤقت فإن لائحة التصنيف والتسجيل المهني، تفيد بأن التسجيل المؤقت لا يعني الممارسة المهنية، ولكن الهيئة خالفت ذلك نصًا بسماحها بذلك، وخصوصا بعد توضيحها بأنه يعتمد على الجهة الصحية التي ستتعاقد مع الممارس، وكم كنا نتمنى هذه المرونة في اللائحة وليس في الإعلام!

هيئة التخصصات الصحية هي واقع مرير للممارس الصحي على الرغم من محاولات الأمين العام الدكتور أيمن عبده الجادة بتغيير وتجديد شكل الهيئة ومجالسها وتطوير أنظمتها، إلا أن تطورها كالطفل الذي يحبو، وأتصور أن من أهم مشكلاتها أنها لا زالت الخصم والحكم فهي من تختبرك، وهي من تمنحك الترخيص، وذلك باعتمادها على المجالس العلمية والتي اتضح عملها جليا الآن في أزمة كورونا، عندما ألغت بعض المجالس العلمية في بعض التخصصات اختبارات نهاية السنة التدريبية، وبعض المجالس العلمية أقرت الاختبار للطبيب المقيم الذي يعمل في الصفوف الأولية، مع العلم بأن جميع التخصصات الطبية في كل المستشفيات قامت بعمل مساند كبير في الصفوف الأولية لمواجهة جائحة كورونا، وذلك يحتم على المجالس العلمية لكل التخصصات مراجعة أنظمتها وطريقة عملها، فبهذه الطريقة يزيدون الفجوة بين الممارس الصحي والهيئة.

أخيرا أنظمة التصنيف والتسجيل يجب أن تتواءم مع سوق العمل الصحي الحالي، هناك تخصصات طبية يستطيع القطاع الخاص استيعابها بقيود معينة، مثال ذلك مهنة الدعاية الطبية في شركات الصيدلة، يشترط لهذه المهنة صيدلي مرخص ومصنف من الهيئة، ويرتبط عملهم بالجانب التسويقي أكثر من الطبي، وهناك كثر يرغبون في ذلك ولم يحالفهم الحظ في اجتياز الاختبار، فهل نحرمهم من العمل في القطاع الخاص بسبب اختبار شامل؟!. تطوير وتحديث آلية التصنيف والتسجيل للمهنة أصبحت ضرورة وخصوصا بعد تنظيم المهن السعودية.