العقارب نوعان، ذلك النوع الذي خلقه الله وجعل فيه السم لاصطياد فرائسه والدفاع عن نفسه عند شعوره بالخطر، وقد تكون لدغاته قاتلة لمن لم يألفها. والنوع الآخر عقارب البشر التي هي أشد مكرا وسما، فهي قادرة على التشكل بمظاهر الإيمان والصلاح والمثالية، بينما هي في الحقيقة ليست سوى سم زعاف من الحقد والتآمر والحرب على مصالح الشعوب والأمم.

ومن أجل التعامل مع عقارب البشر لا بد من تهيئة القادرين على اللعب معهم، وفهم أساليبهم وتحمل لدغاتهم والنجاة منها، ومن ثم الإمساك بتلك العقارب وإخراج السم منها وتخليص البشرية من شرورها. خلال هذا الأسبوع شاهدت فيلم (ولد ملكا) وهو فيلم يحكي قصة زيارة الملك فيصل -رحمه الله- إلى المملكة المتحدة في عام 1919. كان الملك فيصل في الثالثة عشرة من عمره، عندما اختاره الملك عبد العزيز -رحمه الله- لمهمة دبلوماسية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. زيارة قابل فيها الملك فيصل كل عقارب وثعالب السياسة البريطانية في ذلك الوقت، فقد قابل جون فيلبي ولورانس العرب والملك جورج الخامس وونستون تشرشل وجورج كرزون. وكانت بريطانيا وقتها هي اللاعب الأساسي في الوضع السياسي بالجزيرة العربية، وتمارس سياستها المعروفة (فرق تسد) في تفكيك القبائل العربية، واستخدامها لتحقيق مصالحها وأطماعها. كانت مهمة شبه مستحيلة للفيصل لإقناع أصحاب القرار في الحكومة البريطانية، بأن الملك عبد العزيز هو خير من يوحد الجزيرة العربية ويحقق التوازن السياسي والازدهار للمنطقة، ولكن الأمير الصغير خرج من جحر العقارب البريطانية منتصرا في تلك الزيارة والتي استمرت أشهرا. وخلال هذا الأسبوع أيضا اطلعت على مذكرات الشيخ محمد بن راشد المكتوم، والذي أخذه والده صغيرا إلى شيخ في صحراء دبي يسمى الشيخ حميد، ليعلمه الصيد والعيش في الصحراء والتأقلم مع متغيراتها. نشأ الشيخ محمد في الصحراء ولم يكن يزعجه سوى تلك العقارب الصغيرة، والتي كان يجدها في فراشه عندما يخلد للنوم فتلدغه ويتألم، ولكنه استطاع تجاوز لدغاتها غير القاتلة. اكتشف لاحقا أن من كان يضع تلك العقارب الصغيرة في فراشه ليس سوى الشيخ حميد ليبني له مناعة ضد سم العقارب، وهذا ما حدث فعندما كبر الشيخ وصار حاكما أصبح قادرا على تحمل لدغات عقارب الصحراء والبشر.

عقارب (الإخوان) لها عرابها ومرشدها وهو صاحب كتاب الحرية أو الطوفان، الكتاب الذي ألفه حاكم المطيري، ويعتبر مرجع الإخوان في تأجيج الشعوب والدعوة لثورات الربيع، وتشكيك المجتمعات العربية والإسلامية في حكوماتهم والدعوة للخروج عليهم. يعتقدون بحدوث الطوفان الذي سيجتاح الدول، وأنه لن يكون هناك (نوح) لإنقاذ أحد، وتناسوا أن الله سبحانه وتعالى قد جعل (فلكا) في كل دولة حملت من استطاعوا النجاة من الطوفان المزعوم، فحفظوا أمان مجتمعاتهم ودولهم وخلصوها من سموم الإخوان ومخططاتهم. انكشفت خيوط المؤامرات وظهرت حقيقة عقارب البشر، وأصبحت المجتمعات الواعية تحمل مناعة دائمة لسموم قطر وتركيا وإيران ومن يصطف معهم.