القائد هو ذلك الإنسان المؤسسي المرن مرونة العاشق حين يكتب لمحبوبته قصيدة، فيجد قلمه الكلمات دون مشقة في البحث عنها، والقائد وفق هذا التعريف عاشقٌ لمؤسسته، مولعٌ بها، تسكن المؤسسة قلبه الإداري دون منازع، وتستوطن عقله المؤسسي دون شريك، ولا تغيب عن باله أبداً، يشتاق إليها كلما ابتعد عنها، ويهتم بكل ما قد يمس نجاحها مهما عصفت به تناقضاتها التشغيلية، أو انتكاساتها على مستوى الأداء، فهو لا يهواها في رخائها فقط، وارتباطه بها أعمق وأقوى من أن ينظر إليها فقط من زاوية النجاح والفشل.

وبعد هذه المقدمة الرومانسية عن أدب القيادة، لا يسعني سوى أن أشير إلى الضرورة خلف فلسفة قبّعات القائد المتعددة، ولتلك القبّعات مرجعية منطقية، فالمؤسسة ليست أثاثاً، ولا رخصةً تجاريةً، ولا اسماً سوقياً، بل هي أسرة حقيقية، أسرة لا رابطة دم بين أفرادها، ولكنها أسرة ذات رابطة ضمير، ورابطة طموح، ورابطة أمل ومستقبل، ورابطة عقد اجتماعي غير مكتوب.

ولأن القائد يتوسط كل هذه المعاني النبيلة القائمة على هذه الروابط المتعددة، ويجد نفسه جزءاً من هذا المجتمع الصغير، يقوده ويقود معه مؤسسة ذات روح، لن يشعر بروحها تلك سوى من أحب هذه المؤسسة بصدق، فهو إذاً بحاجة إلى صناعة شخصية اجتماعية لن تتم صناعتها في أي مكانٍ آخر غير تلك المؤسسة، فكما حال الأب في بيته يصنع شخصية الأب الصارم، والصديق، والمعلم والموجه لأبنائه، فقياساً على ذلك يحتاج القائد في مؤسسته إلى أن يكون المدير، والمدرّب، والموجه، والأب، والأخ، والصديق، وللقيام بهذه الأدوار عليه أن يتقن فن ارتداء القبعات المتعددة كل يوم، وفي إطار فواصل زمنية قد لا تتعدى الدقائق بين قبعةٍ وأخرى.

لكن هل تحتاج مهارة القبّعات تلك إلى تدريب، أم أنها مهارة فطرية يولد بها الإنسان ليستخدمها في يوم ولادته كقائد؟ تقول التجارب العالمية والمحلية، إن تلك المهارة مكتسبة في كثير من الأحيان، وهنا يلعب التدريب دوراً مركزياً في صناعة هذه التبدلات القيادية اليومية في سلوك القائد وتصرفاته داخل بيئة العمل.

وصحيح أن القيادة ليست تدريباً محضاً، فهي تتطلب أن تكون أصيلة في الشخصية القيادية فليس الجميع قادة، ولكن مهارة الانتقال في إطار الأدوار اليومية في الممارسة الفعلية على الأرض يمكن تحسينها، وصقلها، وتمتينها مهنياً وفق برامج يتم تخصيصها لذلك، وهذا ما يدعونا دوماً للإيمان بأهمية مواصلة التعلم والتحسين والتطوير لبلوغ مستويات ترضينا وتحقق لنا أهدافنا، وأهداف مؤسساتنا، وتلبي طموحات موظفينا وأسواقنا واقتصادنا الوطني.