الإعلام في أي دولة هو واجهتها وصوتها الذي يتخطى صداه حدودها ليصل إلى أبعد مدى، وهو إن صح التعبير بطاقة الدول التعريفية التي يتعرف العالم من خلاله على الملامح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذه الدولة أو تلك، كما أنه المقياس الذي يُصنف درجات رقي المجتمعات ووعيها، لأنه ببساطة الوعاء الذي يُجمع فيه محتوى عناصر المجتمع من بشر ومؤسسات بفكرهم ومنجزاتهم على جميع الأصعدة، ومن ثم يوزع على المنصات الإعلامية بمختلف منابرها ليتلقاه العالم ومن ثم يحكم على الدولة بمجتمعها.

على الصعيد العالمي، أهمية الإعلام الكبيرة جعلته سلاح العصر الأقوى، وذلك لما له من تأثير جبار في الوصول إلى عمق العقول والتأثير فيها، كما أنه الوسيلة الأسرع لإيصال ما يراد من أفكار وأهداف وسبل تحقيقهما لافراد المجتمع، باختصار.. لو أردنا الحديث عن الإعلام ودوره لاحتجنا إلى سلسلة مقالات طويلة حتى نوفيه حقه.

على الصعيد المحلي، نحن دولة تمر بتغيرات ومتغيرات جبارة في كل المجالات، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا، والإعلام هو الكف التي يجب أن تكون بمنتهى القوة والتمكن، لتستطيع جمع كل خيوط التغير بيدها، ومن ثم تنقلها للعالم بصدق وشفافية وقالب جميل يدحض كل الافتراءات، ويحارب أسلحة الدمار الكاذب التي تطلق علينا بشراسة دون كلل أو ملل من الإعلام المعادي.. هذا من جانب، ومن جانب آخر إعلامنا هو الصوت الشجي العذب لرؤيتنا الواعدة التي نفتخر بها كسعوديين، والتي يجب أن نعمل على جعلها قيد التحديث الإعلامي كي يطلع عليها العالم بشكل مستمر، ليرى إلى أين وصلنا في طريق عناقنا لسحاب أهدافنا المشبع بأمطار خير، هطول إنجازاتها نماء لهذا الوطن، وطرحها يجب أن يتذوقه العالم بنكهة الإعجاب والانبهار.

وزارة الإعلام كغيرها من الوزارات التي يجب أن يشملها التحديث لتواكب الوضع الحالي الذي نمر به كدولة ومجتمع، وهذا ما يدركه جيدا وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي، الذي حرص في مبادرة رائعة على لقاء كتاب الرأي في خطوة واعدة بخير غزير يصب في مصلحة إعلامنا السعودي الذي نراهن عليه كثيرا.

في اللقاء، تكلم الوزير عن التغير الحاصل في مجتمعنا، والذي يصعب استيعابه لسرعة دورانه الذي يجب أن نعيه جيدا حتى نتمكن من الوصول بمنجزاتنا إلى سرعة توازي حركة التحولات التي نعيشها، وإيماننا بفاعلية المشاركة في العمل والاستناد عليها، وركز على أهمية تطوير المحتوى الإعلامي المحلي ليستطيع أن يواكب تطورات الإعلام العالمي، ولن يتم ذلك إلا بالاستفادة من الكفاءات والخبرات الإعلامية لتطوير المحتوى المهم والحساس لنشد ترهلاته التي أحدثتها متغيرات الوقت، وحتما لن يتم ذلك إلا من خلال إحياء روح التعاون من خلال العمل الجماعي الذي نشارك فيه ككتاب رأي بشكل خاص، وإعلاميون بشكل عام مع الوزارة لتقديم كل مقترح يخدم الهدف ليكون على طاولة نقاش تحتضنه اجتمعات دورية، ولقاءات ممنهجة وحقائب عمل ممتلئة بأفكار تخدم الهدف، بعدها ترى هذه الأفكار النور وتأخذ حيز التنفيذ من خلال تفعيل دور الجمعية السعودية لكتاب الرأي، لتكون مظلة لنا ككتاب ومطبخ أفكار زاخر بالمفيد، وكذلك من خلال تشكيل لجان وإستراتيجيات وورش عمل تضع التصورات، وتستخلص النتائج وتتابع فعالية الجهود.

أخيرا وليس آخرا، إعلامنا قام بواجبه على أكمل وجه في سنوات سابقة، بأفكار ومحتوى إعلامي كان صالحا لزمانه، ولكن جواد إعلامنا كبا عندما امتلأت ساحة الإعلام العالمي بأحصنة الإعلام الجديد المختلف تماما عن محتوى تقليدي انتهت صلاحيته.

كبوة جواد إعلامنا الذي نفخر به، هي استراحة محارب ستجعلنا ننهض بسرعة إن شاء الله لنصلح ما يجب إصلاحه، ونحدث ما يجب تحديثه، ونصنع ما يجب أن نبتكره ونضيفه، لنلحق بالصدارة إن جعلنا مصلحة الوطن العامة هي المهمة والأهم، وعملنا جميعا بروح تتنفس حب هذه الأرض وقيادتها وشعبها، وجعلنا تنافسنا في ما يخدم المصلحه العامة لا الخاصة، عندها فقط ستعم الفائدة والخير سيشمل الجميع.