القطاعات الأهلية والحكومية كافة تأثرت بجائحة كورونا على مستوى العالم، والمملكة جزء من هذا الكون الذي خيَّم عليه هذا الوباء، وعطل حركة الناس منذ أواخر 2019 حتى اليوم. رأينا كيف هي طوابير الطائرات الجاثمة على أرض المطارات حول العالم كلّه، وراهن الكثيرون على أن عجلة السياحة سوف تتوقف، وأن الأمل يحدونا كلنا بأن تزول الجائحة، وتعود الحركة من جديد، لكن السياحة في المملكة لم تتوقف عجلتها، إلا فترة قليلة حتى سمعنا عن فتح الأجواء داخل المملكة، وحرية التنقل في ربوع الوطن. فأقامت هيئة السياحة ووزارتها برئاسة وزير السياحة أحمد الخطيب برنامجاً مكثفاً بالتعاون مع الوزارات والهيئات الأخرى، مثل وزارة الثقافة وهيئاتها كهيئة التراث، والهيئة الملكية للعُلا، وغيرها ممن لديهم مكون ثقافي وإرْث حضاري يقوم بتسويقه المختصون في علم السياحة، والناشطون من قطاع الأعمال في المدن السياحية. وأطلق برنامج تنفَّسْ خلال صيف هذا العام لتتحرك قوافل المصطافين في المملكة شمالاً وجنوباً، ونقلت إلينا صوٌر جميلة رائعة من جبال السروات بدءاً من الطائف وحتى سواحل تهامة، وكل يُسَّوُق بطريقته، الإعلام بإمكاناته القوية كالإخبارية التي نشطت في وضع مواقع جميلة على شاشاتها بين فقرات البرامج والأخبار، والتقْت بعض المُصطافين الذين تحدثوا بعفويتهم عن جمال مناطقهم وعاداتها وتقاليدها، بينما نشط ملاك اليوتيوب الشخصي في تصوير مناطق جميلة في النماص وبللحَّمر وبللَّسمر، وصولاً إلى حركة التسوق في الأسواق الشعبية في عسير وحائل وتبوك، ونقلت إلينا ما كان غائباً عن البعض، حتى يقول كل زائر، معقول هذا في المملكة!!

لقد أتاحت الجائحة حرية الإعلام عن متنزهاتنا وبث الصور والمشاهد من هذه المناطق، وكنت أدعو ذات يوم إلى إطلاق قناة السياحة لتكون موجودة في الفنادق والأماكن العامة لتنقل جماليات مناطق المملكة، وأنها ليست فقط رمالا أو أسواقا تجارية، بل هي مناظر في أعالي الجبال جميلة وهواؤها عليل يقضي فيه الناس متعة الصيف، ويُحققّوا شعار تنفَّس داخل المملكة في صيف أجبر الوباء الناس على أن تبقى إلى جانب أسرهم وعوائلهم، ويعيدوا حسابات ومراجعة السفر إلى الخارج، لتكون السياحة داخلية، مع تخصيص جزء من السياحة والإجازة، لزيارة مناطق التراث في قرى ومدن المملكة التي عملْت عليها هيئة السياحة منذُ فترة، وأشرفت عليها الآن وزارة الثقافة وإدارة السياحة، لتخرج بذاكرة الوطن إلى جيل اليوم ويتعرفون على بلادهم المترامية الأطراف. يشَاهدون العلا وجبالها ومزارعها، والجوف وتراثها، وعسير وإبداعات الخالق فيها، والباحة بجبالها الشاهقة المطلة على الساحل، ومناظر جبل شدا في صورة بديعة تحتاج من القطاع الخاص إلى أن يُسهم في صناعة السياحة، وتقديم وطنهم على غيره، وإنشاء شركات التنمية السياحية كما هي في الطائف التي تحاول جاهدة البحث عن موقع على خارطة التميَّز في بلاد شاسعة، يبذل فيها المخلصون من أبناء الوطن حتى تكون جاذبة وفيها غنى عن البلاد الأخرى. فهل يتولى القطاع الخاص مع الدولة في بناء منظومة سياحية جاذبة؟ أتوقع أن النجاح محقق بإذن الله في ظل دعم الدولة للقطاع الخاص والكل ينتظر.