من المقرر أن يبدأ العام الدراسي الجديد بعد أقل من شهرين، وتحديدا بعد سبعة أسابيع من الآن، ولا يدور في الأفق أن اللقاح المتعلق بطرد الضيف الثقيل ــ كورونا ــ سنفرح به خلال هذه المدة البسيطة، وستبقى الاحترازات المعروفة، من لبس الكمامات، والتباعد الاجتماعي، وعدم المصافحة، والمحافظة على التعقيم، هي المهيمنة على كل الموقف، وكل هذا، في ظني، سيحول حتما دون العودة المعتادة.

وزير التعليم وفي تصريح مرئي أعلن عن (3) "سيناريوهات" للعام المقبل: الأول، أن تعود الأمور كما كانت بنفس الكثافة مع تطبيق الإجراءات الاحترازية، والثاني، أن يكون هناك تخفيف للكثافة الطلابية بنسبة 50%، والثالث، أن يكون هناك تباين في منطقة دون أخرى حسب الوضع الصحي لكل منطقة؛ وشخصيا أرى أن التوقع الأول رغم أنه مثالي، فإنه سيكون صعب التحقق، أما التوقعان الثاني والثالث فالبديل الأفضل لكل منهما متاح، وينبغي التفكير فيه.

البديل المجرب، أن يكون كامل التعلم بالطريقة الافتراضية، (عن بعد)، والتي تم تجريبها الفترة الماضية، وهذا الاحتمال وارد جدا، والبعض يعتبره غير كاف لتحقيق كل أهداف التعليم، والبديل الآخر هو المزج بين الاحتمال السابق، مع الاحتمال الثاني الذي ورد عن الوزير، وذلك عن طريق حضور الطلاب بالتناوب لبعض الأيام، وهو احتمال له وجاهته، ويتناسب مع حال المدارس، والوضع العام.

المرحلة المقبلة، ربما يناسبها أن تكون أيام الدراسة 6 أيام، وأن يكون الحضور الذاتي في نصفها، والحضور الافتراضي في نصفها الآخر، وأن يحضر الطلاب بالتناوب، تخفيفا للعدد، وأن يكون دخولهم وخروجهم بالطرق الوقائية الناجعة، وأن يتم الاستغناء عن الطابور الصباحي، وأن يكون الانصراف قبل الظهر، بحيث لا تؤدي الصلاة في المدارس، وغير ذلك من أمور يراها القائمون على الصحة والتعليم لازمة، ولا أتمنى أبدا أن يتم تطبيق السيناريو الأول، وإتمامه تضييع كبير لما اكتسبه الدارسون من خبرات أثناء دراستهم (عن بعد)، ولا يصلح مطلقا تفويت فرصة التعلم الافتراضي، خاصة وقد تيقن أغلب الناس أن الحياة في أغلب تفصيلاتها بعد كورونا تغيرت، وأن العودة للحياة التقليدية تأخر عن ركب مواكبة العالم الجديد.

أعلم أن كثيرا منا قد يعتبر التعليم (عن بعد) غير فاعل، وأنه لا يقدم التعليم اللازم لأبنائهم، ولكني متيقن أن قناعاتهم هذه ستتغير في حال لو تذللت صعوبة توفير خدمة إنترنت جيدة في المنازل، وتوصيل المناهج والأدوات لمن يحتاج إليها من الأسر، أو في الأماكن التي لا تتوفر فيها الخدمات اللازمة، ووفرنا دعما تقنيا وفنيا للأسر في موضوع التعليم عن بعد، جنبا إلى جنب مع الدعم النفسي والدعم الاجتماعي والتوجيه التربوي للطلبة وأولياء الأمور، وأوجدنا دورات إضافية وتوجيه للطلبة وذويهم لكيفية التعلم الإلكتروني والاستغلال الأمثل للتطبيقات التكنولوجية، وزودنا المعلمين بالمهارات اللازمة لإدارة وقيادة الدروس عن بعد، مع التركيز على أن تكون أكثر تفاعلية لضمان فهمها واستيعابها؛ فمرحلة ما بعد جائحة كورونا، تتطلب اتباع سياسات شاملة لإصلاح التعليم، وتطوير استراتيجيات طويلة الأمد، لتعزيز قدرة نظم التعليم، بما في ذلك تقييم الاحتياجات، ومدى القدرة على تطبيق التعليم الافتراضي الإلكتروني.