أضاف المستشار النفسي الدكتور محمد فهد القحطاني صورة في حساباته بوسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها أب وأم وابنهما البالغ من العمر قرابة الثمانية أعوام، وهم يجدفون، وتظهر العائلة في قمة السعادة والتماسك الأسري وغيره مما يتمناه الجميع، ولكن الزوجة هي من نشرت هذه الصورة من هاتفها، وذيلتها برسالة تقول فيها، صورة لنا قبل انتحار زوجي بأسبوعين.

المستشار النفسي أعاد نشر الصورة وعلق عليها قائلا:

(‏ليس من الضروري أن تكون الأعراض واضحة على الشخص المكتئب، ممكن أن يكون أقرب زملائك، أو من أفراد أسرتك مكتئبًا ولديه أفكار انتحارية، لكن لا يبين هذا إلا بالمصارحة معك أو مع المختص النفسي، انتبهوا للمقربين لكم، أحيانا الابتسامة لا تعني أنه سعيد).

هذه الصورة وهذه الرسالة وهذا التعليق، تجعلنا نعي كم أننا بعيدون جدا عمن نعتقد أننا نتواصل معهم يوميا، وننام معهم في نفس البيت، وقد يكون على نفس السرير من زوج أو زوجة، أو ولد أو بنت، أو صديق أو صديقة أو جار أو جارة أو حتى عامل أو خادمة.

ولكن في حقيقة الأمر أننا قد نتواصل معهم بالطريقة التي تريحنا، وهي أن لنا حياتنا التي لا نريد أن نتأخر عن ركبها، وهذا التواصل «الميت» قد جعل بيننا وبينهم حواجز تمنعهم من الحديث الصادق معنا، حديث القلب الذي لا يفهمه إلا القلب، وقد يكتفي المحب بنظرة تكشف له كمية الحطام الذي بجوف من يحب، فتجده قد هم لبناء أركان ليقف عليها قلب محبوبه، ويعتلي عليها ويبصر أنوار الحياة المشرقة من جديد بعد أن كان سواد العزلة طاغيا عليها.

ما أريد قوله أننا خلقنا لنتعايش مع أناس نحبهم ويحبوننا، ولم نخلق للعمل الجامد أو الروتين القاتل، ولم نخلق لنعيش الحياة ونحن نحسب جلوسنا مع من نحب بالساعة والدقيقة حتى لا نتأخر عن ضجيج وصخب الحياة الخارجي الذي قد يجلعنا نتوقف يوما، وندرك أن من حولنا قد دفنوا تحت التراب، وتركوا مشاعر داخل قلوبنا كان من الأولى أن نظهرها لهم في حياتهم وليس بعد مماتهم.

نظرة للسماء: رغم ما توصل له العلم من تطوير تقنيات تفوق قدرة الإنسان بآلاف الأضعاف، إلا أنه لم يصل لتطوير تقنية لجهاز يشعر بنا ويواسينا أو يبعث السعادة فينا، فلنهتم بما لم تعبث به التقنية حتى هذا اليوم، ويهتم كلنا بالآخر.