نجاح الشركات أمر يطمح له جميع الملاك والمساهمين فيه، والنجاح حق مشروع ولكنه طريق مليء بالصعاب، وأحد عوامل النجاح هو التمعن في تحليل أسباب فشل أو سقوط الشركات الأخرى.

كان السقوط المدوي (لنوكيا) زعيمة الهواتف النقالة التي تأسست عام 1865، ببداية الألفية الثانية، إنذارا كبيرا بعدم الغرور والاعتماد على التقنيات السابقة، حيث نزلت الحصة السوقية لنوكيا من 34 %عام 2007 إلى أقل من 3 %عام 2013، وذلك لأخطاء ضخمة قام بها مجلس الإدارة، ومن ثم مديروها التنفيذيون، ولكني أستطيع تلخيصها في جملة واحدة، وهي (الفشل باستقراء المستقبل). والقصة نفسها تتشابه مع شركة كوداك التي تأسست عام 1892 وحققت مئة عام من النجاح، حتى استحوذت على 90 %من السوق الأمريكي، وكان أحد أسباب سقوطها تأخرها بالدخول لعالم التصوير الرقمي، لإيمانهم أن التصوير التقليدي سوف يبقى بالوهج السابق نفسه. ومن المفارقات العجيبة أن (ستيفن ساسون) مخترع أول كاميرا رقمية، كان يعمل لشركة كوداك، وقد استمر هبوط الشركة حتى أعلنت إفلاسها عام 2012.

مؤخرًا وخلال أزمة كورونا العالمية، والركود الاقتصادي المتوقع، مرت الشركات العالمية بفترة عصيبة جداً، وفقد المستثمرون مئات المليارات من الدولارات، اضطرت الشركات معها إلى اتباع خطوات مؤلمة، ومنها تسريح ملايين العاملين بدول مختلفة، واعتماد سياسات تقشفية كبيرة، بالمقابل كان الناجح الوحيد بهذه الأزمة هي الشركات التي تعتمد على الحلول التقنية، وسوف يكون زمن ما (بعد الكورونا) للقادة الذين يفكرون خارج الصندوق، ويخلقون فرصا تجارية جديدة (بمبادرات مختلفة)، هولاء القادة الحقيقيون هم (صمام الأمان) لأي شركة، ويجب المراهنة والحفاظ عليهم.

ومها اختلفت الأوقات، فسقوط الشركات التي كانت (ناجحة) يأتي من أسباب متشابهة، قد نلخصها بالآتي:

-1الغرور الزائد من قبل التنفيذيين والتوقف عن (الإبداع والتطوير)، وهذه معضلة كبرى حين تتراخى ويأتي المنافسون من الخلف، ففقدان أي حصة سوقية للشركات هو بداية النكسة الحقيقية، وحينها يكون من الصعب إعادة العجلة للأمام.

-2الاختيار الخاطئ للقيادات، وخاصة حين يكون (المُنظرُ) قائداً.. وخير من استأجرت (القوي الأمين)!

-3تفضيل العلاقات العائلية والأصحاب وشخصيات (سمعاً وطاعة) التي تنفذ دون أن تفكر.

-4 التفريط بالمبدعين. المبدعون بالشركات مثل نجوم الكرة بالفرق الكبيرة، انتقالهم مؤلم وخطير، وقد يكون مرحلة مفصلية بتاريخ الشركات، ويجب تحفيزهم وزيادة ولائهم لشركاتهم بطرق مختلفة، منها المعنوي ومنها الإداري، ومنها المالي، ومن أهم النظريات الحديثة التي تقيم الموظفين، نظرية جاك ولش الذي تم تصنيفه كأعظم المديرين التنفيذيين بالقرن العشرين.

وباختصار الـ 10 %هم المبدعون الذين يحملون الشركة على أكتافهم، وبرأيي المتواضع هذا الرقم كبير جداً ولعله أقل من ذلك بكثير، أما الـ70 %هم الموظفون الذين يقعون بالمنتصف، لاهم سيئون ولا مبدعون، ويجب الاستثمار بتطويرهم، أما الـ 20 % فهم الذين لم يضيفوا شيئاً للشركة ويجب استبدالهم.

عالم الأعمال، عالم كبير مليء بالدروس والعبر، وأسهل تشبيه لعالم الأعمال، هو البحر، وتدور الشركات فيه كالأسماك، فالكبير يأكل الصغير، فاحرص على أن تبقى كبيراً، فالنجاح له آباء كثيرون والفشل يولد يتيما.