قصص النجاح جميلة ومعبرة وأسبابها متشابهة إلى حد كبير، وفي العقود الأخيرة برزت شركات عالية ضخمة حققت نجاحاً فريدا، ومنها شركات آبل وأمازون وموقع علي بابا، ربطت بينهم التقنية وإرضاء العميل وسرعة التطور وجودة الخدمة، وقد نعرج اليوم على واحدة من أحدث قصص (النجاح) العالمية، والشركة التي احتلت قمة العالم في أقل من ربع قرن من الزمان، ألا وهي شركة أمازون التي أسسها جيف بيزوس عام 1994.

ورغم الصعوبات التمويلية التي واجهت بيزوس بالبداية، وعدم استطاعته الحصول على الميزانية المقدرة آنذاك بمليون دولار، إلا أن ‏ بيزوس انطلق لتنفيذ مشروعه بعد حصوله على مبلغ مئة ألف دولار من والديه، ونجاحه في إقناع عدد من رجال الأعمال باستثمار خمسين ألف دولار لكل شخص، وبدأ بداية متواضعة ببيع الكتب من الكراج التابع لمنزله، لم يكن يتوقع كل من مؤسسي الشركة هذا النجاح الساحق، ففي أول شهر باعت أمازون الكتب خلال خمسين ولاية وخمسة وأربعين دولة أخرى، ووصلت المبيعات خلال أسبوع واحد فقط إلى عشرين ألف دولار، ما أتاح لبيزوس الفرصة بالتوسع خلال عقدين من الزمان، حتى تحول لأكبر متجر إلكتروني في العالم، ويمكنك الحصول على خدماته بمجرد ضغطة زر، وقد استحوذ فعلياً على حصة سوقية تبلغ 40 %من السوق الأمريكي و17 %من السوق العالمية، حتى وصلت مبيعات «أمازون» لتتجاوز الألف دولار كل ثانية، وهي حالياً أكبر متجر تجزئة إلكتروني على الإنترنت في كل أنحاء العالم.

لو نظرنا إلى تجربة أمازون الناجحة، وتجارب الشركات التي صعدت بسرعة الصاروخ، نجد أن من أسباب النجاح:

-1شعار العميل أولاً: وهو شعار ليس بالسهولة تحقيقه، ويقوم على سرعة التوصيل والرد على العميل، وتوفير جميع احتياجاته بأسعار منافسة وخصومات عالية. هذا الشعار يدندن عليه بعض المسؤولين ورواد الأعمال، وفي الحقيقة أن أولويتهم هي فائدتهم الشخصية وليس العميل، وبالنهاية العميل لديه المعرفة بفرز الغث عن السمين.

-2بنية تحتية قوية: تملك أمازون قدرة تخزينية هائلة، حيث تشير الأرقام إلى: أكثر من 50 مبنى من مخازن أمازون في الولايات المتحدة وحدها، ويعمل هناك أكثر من 40 ألف موظف، وهي مخازن ضخمة حتى أن أحد مخازنها وصلت مساحته إلى أكثر من 92 ألف متر مربع.

-3تقنية عالية: منذ بدايتها استثمرت أمازون قاعدتها التقنية الضخمة، وسهولة التجول والشراء، ومن ثم سحب البضائع من المخازن وإرسالها بدقة عالية، والأجمل من ذلك، هو برامج متطورة للتنبؤ بالطلبات التي قد يطلبها العملاء، وإيجاد الروابط بين المنتجات ليسهل تخزينها جغرافياً، وأغلب المستودعات تدار بالروبوتات التي تقوم بالتخزين وسحب المنتجات وتوزيعها.. ولا زالت الشركات بالعالم الثالث، تحصي منتجاتها يدوياً، وتختار منتجاتها الجديدة للبيع والاستثمار بجلسات (معسل) وعصف ذهني برائحة التبغ.

-4الحرص على اختيار القيادات الصحيحة:

في أحد الأسئلة التي وجهت لبيزوس، حول ما يبحث عنه عند اختيار شخص ما لمنصب قيادي؟ كانت الإجابة: أريد من هم على صواب معظم الوقت. لا يهمني مدى الذكاء، أريد أن أرى سجلًا حافلًا بالقرارات الصعبة التي تبين أنها صحيحة بنهاية المطاف، وطبعا هذا يختلف عن بعض المجتمعات حين ترى القياديين يختبئون تحت الطاولات بالأزمات، ويتسابقون على المايكرفونات عند الإنجازات، وليتنا نتعلم من دروس (كورونا)، وقد ذكر ابن خلدون ذلك قبل عدة قرون حين قال (الناس في السكينة سواء، فإن جاءت المحن تباينوا).

ومن أقوال بيزوس الشهيرة في اختيار الموظفين (من الأفضل لي إجراء 50 مقابلة توظيف من دون أن أوظف أيا منهم، على أن أضم لفريقي الشخص الخطأ).

كلنا نعلم أن هناك فرصة ضخمة في جميع الشركات - خاصة كانت أم حكومية- للتطوير و(التنويع) والحصول على مصادر دخل جديدة والنمو والوصول للعالمية، وكما قال ليس براون: (انطلق باتجاه القمر، وحتى إن فشلت فإنك ستستقر بين النجوم).