كثرت اختلافات الزوجين وقررا أن يذهبا إلى معالج نفسي لعلهما يحصلان على القاعدة الذهبية للسعادة، فأخذا يبحثان عن أفضل الأسماء والأسعار، ولم يتوصلا إلى هدفهما المقصود واختلفا فيمن يجب أن يدفع قيمة كشفية لمدة نصف ساعة، يبلغ سعرها ألف ريال! وأخذ كل واحد منهما يتهم الآخر أنه السبب، واتفقا على أن استمرار الخلافات أسهل من دفع ألف ريال لجلسة واحدة، ربما لا تقدم لهما حلاً جذرياً! هل فكرت يوماً أن تزور معالجاً نفسياً أو طبيباً نفسياً؟ هل أحسست يوماً بقلة الحيلة وقررت أن تأخذ استشارة نفسية لعلها تضعك على الطريق أو ربما توقد لك على الطريق شمعة؟ هل تصفحت تطبيقاً ذكياً معنياً بمواعيد الأطباء وعياداتهم؟ ما أغلى كشفية رأيتها؟ المريض يتعلق بقشة وسيدفع. أحياناً ألتمس للطبيب العذر لأن موقع عيادته وديكوراتها ومؤهلاته تأخذ منه الكثير وكل حجرة ولها أجرة، ولكن جزءاً كبيراً من المهنة هو إنساني بحت، هل المريض يبحث عن الاسم الناجح والمكان الفاخر أو الاسم يغني عن المكان أو أن لكل اسم مكاناً يليق به! وفاة طبيب الغلابة الدكتور المصري محمد مشالي الذي تغيرت الحياة من حوله وبقي كما هو، بقي على الكفاف، عمل لا يبتغي منه سوى الستر والأجر، هناك بعض الأطباء السعوديين لهم عيادة خيرية يقومون بمعاينة المرضـي المحتاجين والذين ليس لهم أهلية علاج في المستشفيات الحكومية مجاناً وهذا عمل عظيم جعله الله في ميزان حسناتهم. ولأن الاختلاف هو قانون الحياة، فهناك أطباء متاحون لفئة معينة من المجتمع، حيث إن قيمة الكشف لديهم تتجاوز خمسمائة ريال، وبالذات الطب والعلاج النفسي إذ تصل فاتورة الفحص لدى المختص لأكثر من ألف ريال، وقد ارتفعت قيمة الكشفية في العيادات النفسية ما بين 4.8 و7.8% عن العام الماضي. ألف ريال ربما تكون مبلغاً بسيطاً لدى البعض، ولكنه مبلغ مرهق للجيوب المتوسطة والصغيرة.

مراجعة عيادات المعالجين والأطباء النفسيين الخاصة تحمل الكثير من الخصوصية، لذلك تكون الخيار الأفضل لدى البعض، ولكن السؤال، هل ألف واحد يكفي ويصبح المريض بعده مثل الحصان! أم هو بداية لمشوار يطول أو يقصر، ولأن المرض كربة والصحة أهم من المال يتكبد البعض المبالغ الكبيرة بحثاً عن الشفاء من عيادة لأخرى. العلاج المجاني مُتاح، ولكن الانتظار يطول أحياناً أو رغبة في زيارة طبيب بعينه في عيادة خاصة لسمعته، وعليهم أن يدفعوا ثمن ذلك، فهناك عيادات لا تعترف بالتأمين، وهناك تأمين لا يغطي كل العيادات، وهناك من ليس لديه تأمين.

من الذي يحدد قيمة كشفية الأطباء في العيادات والمستشفيات الخاصة؟ هل هي وزارة الصحة أم وزارة التجارة أو كلتا الوزارتين، أم أنها ترضخ لمعايير معينة لايمكن توحيدها.

قصة طبيب الغلابة التي نشأت من مأساة طفل فقير أشعل في نفسه النار، ذكرتني بقصص الدكتور عبدالرحمن السميط الذي أكمل دراساته العليا في بريطانيا وكندا وعالج الفقراء في إفريقيا.

في كلتا القصتين رحمة عميقة وزهد صعب، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، أرى أنه يجب عدم اتباع سياسة العرض والطلب وعلى وزارة الصحة ووزارة التجارة إحداهما أو كلتيهما وضع تسعيرة عادلة لكشفية الأطباء.