يقول الألمعي محمد إبر زايد: لا تتكلم (عن الوعي)، تكلم (بوعي).. وإلا أرقد..، هل يقصد أن نتكلم بوعي عن الفتاة التي التحقت بمدرسة باليه لمدة تسع سنوات، وهي تتعلم كل تفاصيل التناغم الهارموني بجسدها مع الموسيقى في جمال خلاب، سنوات من عمرها أفنتها منذ وقوفها على رؤوس أصابعها وهي طفلة، حتى أعلى وثبة لها تؤديها في ثنايا الرقص وهي في أوائل العشرين من عمرها، رقصة باليه جميلة لفن راق في قاعة عظيمة، فكيف نتكلم عنها (بوعي) كراقصة باليه، وكل من حولنا لا يرون من كل هذه السنوات وما فيها من تفاصيل صغيرة جداً لإتقان تناغم الجسد مع الموسيقى سوى جوع غرائزهم، لم يرتقوا لمستوى الجمال في الفنون السبعة، ما زالوا في مستوى الهرمونات التي تتأثر بقيادة المرأة للسيارة!؟!! هل نسيهم إبر زايد، إنهم يخرجون علينا الآن بلغة جديدة لنفس الأهداف القديمة (الدفاع عن أمراضهم النفسية ومكبوتاتهم).

يقول الألمعي محمد إبر زايد (لا تتكلم عن الوعي، تكلم بوعي.. وإلا أرقد..)، هل يقصد أن نتكلم بوعي عن فتاة العشرينات التي أمضت سنوات طفولتها مع ألوانها وقلمها الرصاص كي تتقن تفاصيل لوحاتها وعندما رسمت بورتريهات الوجه وتفاصيل الجسد الأنثوي بدقة عالية وفن أخاذ، لم ير من حولها في لوحاتها الراقية سوى شذوذ الهوية، فقد استبدلوا عبارات التحريم بلغة ثقافية تؤدي لنفس النتيجة في (المراقبة والمعاقبة والانتقاص)، إنهم لم ينقرضوا يا إبر زايد لكنهم غيروا لغتهم لتصبح ناعمة كجلد الثعبان، لكن أكثر قسوة على روح فنان مرهف الحس.

يقول الألمعي محمد إبر زايد (لا تتكلم عن الوعي، تكلم بوعي.. وإلا أرقد..) هل يقصد أن نتكلم بوعي عن إمرأة جاوزت الأربعين من العمر، تملك حنجرة ذهبية تدندن بها وهي تغسل المواعين بيديها، تتابع تفاصيل أدائها فتكتشف أنها لا تختار سوى المقام الرفيع في اللحن من رياض السنباطي إلى عبدالوهاب وبليغ حمدي، أما كوبليهات فيروز فهي فواصلها الغنائية الصغيرة عند تحضير الفطور لأبنائها قبل ذهابهم للمدرسة، كل هذه المعجزة (لربة المنزل) لن تتجاوز حيطان مطبخها وغرف منزلها عند حملها لعصا المكنسة الكهربائية، تسمع صوتها فتشعر بكرم روحها وسموها، فتنسكب دمعتك إذ تدرك (بوعي) أن للجغرافيا أحكاماً قاسية تتجاوز معنى السجن في قسوتها، فأم كلثوم لو ولدت في بعض الجبال والقفار فلن تكون سوى كهلة تدندن بألحان تهدهد بها رؤوس أحفادها كي يناموا.

يقول الألمعي محمد إبر زايد (لا تتكلم عن الوعي، تكلم بوعي.. وإلا أرقد..) هل يقصد أن نتكلم بوعي عن شاعرة تكتب القصيدة منذ نعومة أظفارها عند أهلها، ثم تزوجت فكأنما الزواج آفة تقضي على المواهب، وعندما عرضت قصيدتها (السرية) على صديقتها وانتشرت بعض أبياتها، تهامس البعض من أقاربها أن (وراء الأكمة ما وراءها)، وهل وراء الأكمة إلا جاهلية الوأد التي ينفيها ابن تنباك كحقيقة جسدية، لكنها مستمرة كحقيقة معنوية لكثير من النساء.

يقول الألمعي محمد إبر زايد: (لا تتكلم عن الوعي، تكلم بوعي.. وإلا أرقد..) هل الوعي قصيدة تسمو بنفسها على الجوائز؟ أم الوعي موهبة يحاول التزمت قتلها بالنقد، فإذا عجز عمد إلى تسميمها بالتأويل؟ هل الوعي عدو (المدنية) رغم ناطحات سحابها ما دامت قاصرة عن مقام (الحضارة)؟! ربما الوعي تنوع الإجابات حسب تعددية الأسئلة، وليس عصا واحدة/إجابة واحدة لكل الأسئلة، يقول الألمعي محمد إبر زايد (لا تتكلم عن الوعي، تكلم بوعي.. وإلا أرقد..).