على وقع فصل وزارة الإعلام عن وزارة الثقافة قبل حوالي العامين، كتبت الزميلة نادية الشهراني هنا في هذه الصحيفة مقالاً بعنوان (وزارة الثقافة: بين إرث عظيم ومهمة أعظم). تحدثت فيه عن (أهمية انتقاء الوزارة لمهامها من بين الوزارات الأخرى بشكل مقنن وذكي). كذلك طالبت (بإصلاح جوانب الخلل التنظيمي في الملحقيات الثقافية في الخارج والتي يخالف اسمها واقعها في كثير من الأحيان).

وبعد صدور قرار وزير التعليم الأخير بتعيين قيادات في عدد من الملحقيات الثقافية، غرد الدكتور سعد البازعي بأننا وصلنا إلى وقت يتوجب فيه أحد أمرين؛ إما أن يتغير اسم الملحق، من ملحق ثقافي إلى ملحق تعليمي. أو أن يتم تمكين الملحقيات بالعمل في مهام الثقافة التي تبرر الاسم الوظيفي لشاغلها.

وأنا أتفق معهما فيما ذهبا إليه. وأعقب على آرائهما بالقول بأن الوقت قد حان في إعادة النظر في النظام الدبلوماسي الثقافي ككل من جديد، وإجراء الإصلاحات عليه مرة أخرى.

أيها السادة، التعليم جزء من ثقافة البلد، وليس هو الثقافة لوحده. ولذلك فإنه من الضروري أن يتم استحداث وظيفة (مساعد الملحق الثقافي للشؤون التعليمية)، تندرج تحت وظيفة الملحق الثقافي الذي يتوجب أن يتم تعيينه من قبل وزير الثقافة فقط.

وأنا أقرأ في هذا الموضوع، وجدت في موقع وزارة التعليم الرسمي أن دور الملحق الثقافي يقوم على سبع إدارات، في ذيلها تقع الشؤون الثقافية والاجتماعية!!! في الوقت نفسه الذي يتحدث فيه موقع الملحقية الثقافية السعودية في إسبانيا عن أن هناك تسع مهام تعليمية للملحق، وثلاث مهام علمية، مقابل ست عشرة مهمة ثقافية يتوجب عليه العمل عليها.

حقيقة، أنا شخصياً لا ألوم وزارة التعليم على تهميشها الأدوار الثقافية في ملحقياتها، لأنها من الطبيعي أن تركز على نشاطاتها الرسمية المنشأة من أجلها، بحيث تجعل هذا الذراع وسيلة للقوة والنفوذ في تحقيقها لمكاسب تعليمية تعود على الوزارة بالنفع. وإذا وُجِد هناك وقت ومال، فلا بأس بأن يذهب للثقافة وللشؤون الثقافية.

ولذلك أؤكد على أهمية تسليم هذا الملف لوزارة الثقافة التي تمتلك تحت مظلتها أحد عشر هيئة ثقافية متخصصة في أنشطة الشؤون الثقافية كافة في المملكة، والتي بالضرورة سوف تكون هي الأدعى لإدارته بالشكل الأمثل والأفضل، والذي سيحقق مكاسب أكبر بكثير من الدور التعليمي لوزارة التعليم حالياً.

يقول موقع الملحقية الثقافية السعودية في كندا، إن المهام المنوطة به تتمثل في: الأول: تمثيل جميع جهات الابتعاث السعودية من جامعات ووزارات. الثاني: التنسيق بين جهات الابتعاث في المملكة وبين الجامعات والمعاهد التي يدرس فيها أولئك المبتعثون. الثالث: تنفيذ سياسة الابتعاث الرسمية التي تنتهجها المملكة. الرابع: تزويد المؤسسات التعليمية والثقافية في كندا بالمعلومات التي تبرز تقدم المملكة في الجوانب كافة. وسؤالي هنا: أين هي المهام الثقافية؟!

أما المصيبة الأعظم في الصفحة نفسها، بأن مهام إدارة الشؤون الثقافية في الملحقية تتمثل في: (الإشراف على أندية الطلبة السعوديين والمراكز التعليمية. إضافة إلى الاهتمام بالفعاليات والمشاركات والمعارض، كما أنها تشرف على الشؤون الإعلامية). لاحظ عزيزي القارئ، أن الإشراف على الأندية الطلابية والمراكز التعليمية، يأتي متقدماً على الاهتمام بالفعاليات والمشاركات والمعارض التي تعتبر هي المنصات الرئيسية للثقافات الشعبية للأوطان.