ما تزال قضايا المياه وأمنها تؤرق الكثير من بلدان العالم، حيث أصبحت من قضايا النزاع الدولية ومحل خلاف على حصة كل بلد لما لها من أهمية قصوى للحياة والاقتصاد، ويمثل الأمن المائي ركيزة أمنية أساسية في استقرار الحياة والاقتصاد بشكل عام.

وتشكل منطقتنا الجغرافية في أغلبها أراضي صحراوية تندر فيها موارد المياه وذلك منذ زمن بعيد، حيث تشكلت الحياة في أغلبها وفق مناطق توفر الماء، وهي مصدر مهم من مصادر البقاء على قيد الحياة.

وبفضل الله نملك في بلادنا مساحات ممتدة وشاسعة، ولدينا تنوع جغرافي وتضاريس مختلفة، وهي مصادر قوة اقتصادية متعددة لتوفير الأمن المائي، حيث الخليج العربي في الشرق، والبحر الأحمر في الغرب، إذ عملت الحكومة الرشيدة على مشروع تحلية مياه البحر إدراكاً منها لأهمية الأمن المائي، وذلك للاستفادة منها في سد حاجتنا من المياه، ومع هذا يزداد الطلب بشكل مستمر على الماء مع النمو المتزايد للمشاريع والكثافة السكانية العالية، وهو ما يمثل عبئا إضافيا من أجل توفير المياه.

وكذلك العمل من خلال سن خطط وتبني استراتيجيات وطنية للحد من هدر المياه، حيث تم إيقاف بعض المزروعات التي تستهلك كميات كبيرة من الماء، والعمل على برامج الترشيد الاستهلاكي للمياه.

ومع وجود الخليج والبحر إلا أن بلادنا تفتقر إلى الأنهار الجارية والبحيرات، ومن هنا يجب علينا الحفاظ على المياه وتعزيز أمننا المائي في مستقبل الأيام.

ومن التحديات التي تواجهنا أيضاً، أهمية تعزيز مصادر المياه وما يمثله الاستهلاك العالي للوقود في عملية التحلية من أجل الحصول على مياه البحر، لتكون صالحة للاستهلاك في ظل عدم الاستفادة من السدود بشكل أمثل، حيث إن السد عبارة عن تشكيل غير طبيعي في البيئة، يعمل على احتجاز كميات كبيرة من المياه، وهو تدخل بشري في الطبيعة، قد تكون له آثار مدمرة للبيئة، ما لم تتم إدارته بشكل جيد، حيث تراجع إنشاء السدود حول العالم بما يقارب 50%؜ في كثير من الدول، لما وجد لها من آثار مدمرة للتنوع البيولوجي الطبيعي في البيئة، حيث تعمل السدود على حبس "الطمي" الطبيعي أثناء جريان السيول، وكذلك الضغط على القشرة الأرضية، والتسبب في وقوع هزات أرضية زلزالية.

في حين تمر بنا بعض المواسم الممطرة إذ تهطل كميات كبيرة من المياه والتي لا يستفاد منها، بل تشكل عبئاً في تصريفها دون النظر في إعادة تدوريها أو الاستفادة منها. كذلك يوجد عدد من السدود الكبيرة في بعض المناطق ولا يتم فتحها إلا في حال هطول الأمطار، وارتفاع منسوب المياه بها، حيث تفتح في موعد غير مناسب وكان من الأجدى أن تعمل على ري المحاصيل الزراعية طوال العام، وفي فترات قلة وشح الأمطار، لتكون بديلا مناسباً للري، وهي سدود حمائية بالدرجة الأولى، لا يتم الاستفادة منها في توليد الطاقة مثلاً، أو حتى دعم القطاع الزراعي وري المحاصيل، حيث إن الحسنة الوحيدة لها بشكلها الحالي حماية السكان من التعرض لمخاطر جريان الأودية، وهذه المشكلة من الممكن تداركها بالتخطيط العمراني الحضري المناسب للمناطق السكنية، مما يجعل السدود بشكلها الحالي عديمة الجدوى.