قد تكون الأزمة (الكرونية) هي الحدث الأبرز بلا منازع في هذه الألفية الجديدة، وتتفوق على أحداث جسام سبقتها مثل 11 سبتمبر، والانهيار الاقتصادي عام 2008، وأحداث الربيع العربي، ومن المنطق أن يكون لكل أزمة دروس مستفادة، وخبرات مكتسبة وجوانب إيجابية، أثبتت لنا أن الكثير من ممارساتنا ممكن تغييرها، وتحويلها إلى طاقات إيجابية بديلة ومنها:

1- ظاهرة التبويس الشهيرة..

وهي ظاهرة يقوم فيها العربي بجمال روحه بجذب أخيه، واحتضانه وطبع العديد من القبلات على وجنتيه وخشمه ورأسه. ولله الحمد والمنة فقد قضت كورونا على تلك العادة (مؤقتاً)، وأصبحت إيماءة بسيطة من الرأس تكفي عن ظاهرة التبويس وعن (صفق) الرؤوس وعن احتضان من يتصبب عرقاً.

2- ظاهرة البذخ بالأعراس...

حيث اختفت طلبات الخالة (أم صالح) لزواج ابنتها المصون (وضحى)، وأصبح العبد الفقير المدعو (عطية)، يستطيع الزواج في حضور عدد محدود من الضيوف في بيت والده، والهروب من مصاريف احتفالية يكون حضورها منافساً لمباريات الزعيم والعالمي. وهكذا قامت (الآنسة) كورونا بتوفير المئات من الورقات الزرقاء وحفظها للعروسين الجديدين.

3- ظاهرة السياحة الخارجية...

اكتشف السعوديون معالم بلدهم (الرائع) في هذه الأزمة، حيث انتعشت السياحة بالجنوب (الساحر)، وعلى المناطق الساحلية والعلا (الجذابة)، اكتشفنا مدنا لم نزرها قط وحضارات لم نعلم عنها من قبل في بلد (أصيل) عاشت عليه الكثير من الحضارات على مر التاريخ. في هذا الصيف أصبح (سمننا في دقيقنا)، بدلاً من أن نضع (سمننا) وعسلنا كل صيف بديار المستر (جون).

4- ظاهرة الاجتماعات المملة...

هناك إداريون بيروقراطيون يستمتعون بالاجتماعات المتكررة والتي تضيع الكثير من الوقت بالتنقل بين أرجاء المدينة أو خارجها، ولن أفاجئكم أن الكثير من الاجتماعات الطويلة مشابهة لعصريات أم صالح (قهوة وطق حنك) دون نتيجة، ولكن (التقنية) والآنسة كورونا أنقذتانا، وأصبحت (الاجتماعات) والتعليم والتدريس بضغطة زر وعن بُعد، ويمكن الانسحاب بهدوء من تلك الاجتماعات التي لا تسمن ولا تغني من جوع... ولا عزاء لأعداء التقنية والتطور الإنساني.

5- ظاهرة الأكل خارج المنزل.. وهي ظاهرة دخيلة على المجتمع السعودي، حيث أصبح أكل المطاعم - سيئ الإعداد والجودة- هو المتصدر للساحة، ولكن مع الأزمة عادت (أم صالح) للملعب بقوة، بطبخها ونفخها وخبرة السنوات الطويلة.

فلنكن إيجابيين بعيداً عن (سخريتي) المقيتة، والإيجابية هي أكسير النجاح، وهي أن ترى النصف الممتلئ من الكأس وليس الخاوي منه. الإيجابية لحن جميل وسعادة كما علمنا العملاق (جبران)، أن هناك من يتذمر لأن للورد (شوكاً)، وهناك من يتفاءل لأن فوق الشوك وردة.