«يا ماما ناقصني علم» عبارة قالتها لي طفلتي في المرحلة الابتدائية، تبسمت من قولها، ولكن بقلق، كيف للعلم أن ينقص، كيف يعوض أطفالنا ما فاتهم، لا شيء بتاتاً يقوم مقام المعلمة التي تقف في الفصل، كيف لي أن أقنعها بأن ما فاتها سيكتمل، وأنا أقول لها ستدرسين على جهازك الذكي، ولن أتمكن من حضور الدروس معك لأنني سأكون في عملي، ستقضين وقتاً إضافيا بعيداً عن المدرسة ولكن ليس بالضرورة أن يكون علماً ناقصاً، كيف يمكن للتعليم أن يكون متكاملاً حتى عن بعد، لا بد أن تكون هناك مواقع مجهزة وأنظمة متقدمة، أتذكر إحدى المدارس الخاصة التي استخدمت تطبيق تليجرام لنقل دروسها!

لا أعلم كيف تعلم الصغار في العام الماضي، ولا أعرف إذا ما كان علماً نافعاً أو خديجاً ناقصاً ومتعثراً غير مثمر. ظننت أن ما فاتهم في عامهم الماضي سيتم تعويضه ولكن حقيقة لا أستطيع أن أتكهن بأن العملية التعليمية ستكون كما ينبغي وكطبيبة أعرف وأثق أن الصحة أهم والصحة أولاً وما بين الصحة والعلم يبقى الإنسان.

ماذا نحتاج لتكون العملية التعليمية عن بعد أكثر جدوى ونجاحاً. نحن بحاجة إلى عمل ضخم جدًا في تجهيز بنية تحتية قوية وتوفير كل متطلبات التعلم عن بعد، للطالب والمدرسة والمعلم، ربما يكون التعليم عن بعد خيارًا مستقبليًا واستراتيجية ضرورية في العملية التعليمية أي أنه ضرورة يجب أن نتقن التعامل معها بتأهيل مختصين في التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد وتفعيل أنظمة إدارة التعلم والأنظمة الإلكترونية.

نحتاج إلى تصميم وبناء مقررات تعليمية إلكترونية جذابة، وتوفيرها كنمط تعليمي على مدار الساعة. علينا توفير إنترنت سريع وأجهزة حاسبات ذكية للطلبة والمعلمين حسب الاحتياج، وأن يتم التعاون مع الجامعات السعودية وجهات أخرى لتكون منظومة ناجحة كوزارة الاتصالات والمعلومات، والمركز الوطني للتعليم الإلكتروني.

وحينما نتحدث عن التعليم عن بعد نحن نتحدث عن المدارس الحكومية والمدارس الخاصة، ليس كل المدارس الخاصة تمتلك كل الإمكانيات لتوفير تعليم متكامل لطلابها عن بعد وأجد في هذا الحال أن الدراسة في المدارس الحكومية أكثر جدوى، بالذات مع ازدياد رسوم المدارس الخاصة أو ربما يُفرض على المدارس الخاصة تخفيض رسومها لأنه غالباً سيقوم الأهالي بتوفير دروس خصوصية لأولادهم بالذات في المدارس العالمية، حيث التعليم الذي يحتاج جهداً أكبر. أولياء الأمور مطالبون بالمتابعة والمراقبة والتدريس ودفع الرسوم وأجد هذا غير منصف، فنصف دور المدرسة مغيب، المعلم يقدم الدرس من بيته والطالب يستمع من بيته والمدرسة تجمع الرسوم وفصولها مغلقة وفاتورة الكهرباء والماء تحت الحد المعتاد. على المدارس الخاصة أن تعوض الأهالي إما بتوفير مواقع إلكترونية ممتازة لا يعطلها باطل من بين يديها ولا من خلفها وتوفير أجهزة حاسبات ذكية لكل طالب لا يملكها كعهدة ترجع للمدرسة عند انتهاء فترة الدراسة عن بعد أو تخفيض الرسوم المدرسية ليتمكن الأهالي من توفير الحاسوب والمدرس الخصوصي.