مازالت معاناة أهالي أطفال (ذوي الاحتياجات الخاصة) مستمرة في تمتّعهم بحق التعليم؛ وذلك بسبب قلة المدارس المتخصصة في آلية احتواء مشكلات أطفالهم السلوكية والنفسية ذات التأثير السلبي على إمكانية دمجهم في المدارس العادية، حيث إن تجربة الدمج التي أطلقتها وزارة التعليم منذ عام 1990، ما زالت فاعليتها غير شاملة على مستوى المناطق في المملكة، وذلك بسبب ضعف الجاهزية البشرية والمادية لنجاح وفاعلية تلك التجربة على مدى السنوات الماضية والوضع الحالي. وسأذكر هنا قصة أحد الآباء الأجانب في الرياض حيث واجه صعوبات كبيرة بسبب وضع طفله البالغ من العمر 6 سنوات والذي يعاني من «متلازمة النشاط المفرط»، حيث إن الأطفال المصابين بهذه المتلازمة يعانون من نشاط عالي الدرجة لا يمكّنهم من الجلوس بهدوء سواء في المدرسة أو المنزل، ويحتاج الكثير منهم لمثبطات علاجية للحدّ من قوته، وكذلك يحتاجون لبيئة تعليمية متخصصة ومتوفر بها جميع الشروط التعليمية المساعدة للحدّ من إثارة نشاطهم المصحوب دوماً بثورات من العصبية، لذلك لا يمكن من السهولة دمجهم في المدارس الخاضعة للدمج سواء كانت حكومية أو أهلية، فهذا الأب (الذي لا يتحدث العربية) واجه معاناة في التواصل الهاتفي السريع مع الإدارة المختصة في وزارة التعليم، كذلك في التواصل مع مشرف أو إداري يتقن اللغة الإنجليزية للتحدث معه ومعرفة شكواه بشأن وضع ابنه، فاضطر لطلب المساعدة من عدة قنوات للوصول للإدارة المختصة بعد شهور من المحاولات المحبطة نفسياً له كأب يريد مصلحة طفله التعليمية وبما يتناسب مع مشكلته. هذا غيض من فيض لمعاناة الكثير من أهالي الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة سواء مواطنين أو مقيمين، ويكفينا شاهداً بأن أغلب المقتدرين مادياً يتحملون الألم النفسي لابتعاد أطفالهم عنهم خارج الوطن، وذلك بسبب إلحاقهم في مدارس خاصة ذات بيئة تعليمية مناسبة لقدراتهم العقلية ومشكلاتهم السلوكية. والسبب قلة المدارس المتخصصة لدينا والتي للأسف لا تتجاوز مدرستين أهليتين فقط -كمثال- في العاصمة الرياض، فكيف بحال المناطق الأخرى سواء كانت مركزية أو طرفية.

يا وزارة التعليم لا نختلف مع شعاراتكم بأن «المدارس العادية هي البيئة التربوية الطبيعية للغالبية العظمى من التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة»، لكن إنها لمأساة كبيرة بحق الأطفال عندما يكون الاستعداد في عدد كبير من المدارس غير كافي بحق العاديين منهم فكيف بمن يعانون من مشكلات خاصة تتطلب توفير البيئة التعليمية الجاذبة لهم !، لذلك يجب على الوزارة من منطلق إهتمامها بـ «الأطفال» أن تُفعلّ مبادراتها لعام 2030 والتي أطلقتها لتطوير التربية الخاصة عاجلاً وبشكل يساهم في تقديم المساندة للجميع من المحتاجين لها، وذلك من أجل ضمان تحقيق جودة التعليم الخاص الذي مازال بحاجة لدعم واهتمام أقوى، فالمواقع الرسمية مليئة بالتعليمات الهامة، لكن الواقع مليء بالقصص المأساوية بحق هؤلاء الأطفال، فكيف سيكون حالهم مع التعليم عن بعد !

على الوزارة أن تُفعلّ مبادراتها لعام 2030 التي أطلقتها لتطوير التربية الخاصة عاجلاً وبشكل يساهم في تقديم المساندة للجميع من المحتاجين لها.