بين وقت وآخر نرى ونسمع عن حملات منظمة ضد التطعيمات، مؤمنة بمبدأ المؤامرة، حقيقي مجرد سؤال، ماذا يعرف الآخرون غير الذي نعرف ونقرأ؟ ما هو السر الذي اطلعوا عليه وجهله غيرهم!؟ من المسؤول ومن الضحية؟ وهل هي مؤامرة؟ وإذا كانت كذلك فضد من؟

أتعجب من قروبات ومنظمات تعمل جاهدة في نشر فكرها اللا واعي في تشجيع الناس، وحثهم على ترك تطعيم أطفالهم.. قاطعوها لأنها مؤامرة! وهدفها مادي ! وخلفها مافيا ويسمونها مافيا التطعيمات!!

اللقاحات تكلف الدول الكثير، ولكن علاج المرضى من الأمراض المعدية أكثر كلفة، لذلك انتهجت الدول منهج «الوقاية خير من العلاج». بعد تخلي بعض الناس من مختلف البلدان عن التطعيمات، زاد معدل الإصابة بالأمراض المعدية، مثلاً في باكستان زاد عدد الأطفال الذين توفوا بمرض الحصبة عام 2012م إلى 306 حالات مقارنة بعام 2011، حيث كان عدد الوفيات من مرض الحصبة 64 حالة أكثرها في المناطق الريفية، وفي شهر واحد فقط توفي مئة طفل.. الريفيون هناك اعتقدوا أن التطعيمات هي مؤامرة لتعقيم المسلمين ضد الإنجاب كي لا يتكاثروا.

وقتلت الحصبة أكثر من 770 ألف طفل في 2001، أي أكثر من أي مرض آخر يمكن الوقاية منه بالتحصين.

وترتفع بشدة ضريبة الوفيات الناجمة عن الحصبة في إفريقيا – حيث يموت طفل كل دقيقة واحدة – إلى حد أن كثيرا من الأمهات لا يخترن أسماء حقيقية لأطفالهن إلى أن يتغلبوا على المرض.

وكذلك شلل الأطفال الذي أعاق كثيرا من الأطفال، فهو يسبب شللا مقعدا في غضون ساعات. وقد تحقق تقدم ملحوظ نحو استئصال المرض، ولكن لا يزال هناك خطر داهم على الأطفال في مناطق لا يزال تنتشر فيها سلالة فيروس شلل الأطفال، وقد انخفضت حالات الإصابة على مستوى العالم من 350 ألف حالة في عام 1988 إلى 480 فحسب في 2001، ولكنها تفشت من جديد في عام 2002 في نيجيريا وفي الهند، مما أدى إلى زيادة الحالات عالميا إلى أكثر من 1500 حالة، لذلك ما زالت لدينا حملات لتطعيم شلل الأطفال حتى لا تُسجل حالات مرضية، والهدف من حملات شلل الأطفال أن ترفع مناعة المجتمع ضد المرض.

ماذا لو ظهر لقاح لفيروس كوفيد 19، وأدعو الله أن يظهر لنعود للتعامل مع الحياة بعفوية أكبر ونشعر بالطمأنينة أكثر، وهم من الآن يروجون لفكرة أن الفيروس مؤامرة ليحقنوا أجساد الناس بمواد سامة يسمونها لقاحا!!

ما زلنا نحارب الترويج لمبدأ مقاطعة التطعيمات الأساسية، فكيف لنا أن نقنعهم بألا يستبقوا الأحداث ويروجوا لفكرة المؤامرة، ويصنعون جمهوراً من المؤيدين لفكرهم، وهم ربما أول من سيتلقى اللقاح في الخفاء إن خرج إلى النور، ويتركون الآخرين يؤمنون بهم، ويرسمون لهم صورة الأبطال الذين اكتشفوا سر المؤامرة فيموتوا!

(تداووا عباد اللَّه فإن اللَّه سبحانه لم يضع داءً إلا وضع معه شفاء).