العلم والتعليم هما عمود المجتمعات، والسلالم التي تصعدها للتوجه نحو القمة، ومنذ بدء الخليقة تصدرت المجتمعات المتعلمة الركب الحضاري واعتلت صهوة الاقتصاد والسياسة وغيرهما من المجالات.

عالمياً.. استمر الجدل حول فتح المدارس، وتعاملت الدول بطريقة مختلفة من منطقة لأخرى، ولكن حافظت بعض الدول على حضور الطلاب للمدارس، ومنها السويد، ويبدو أن خطة السويد كانت آمنة بما فيه الكفاية حسب ما ذكرت وكالة الصحة التابعة لها في 15 يوليو، أن تفشي كوفيد 19 بين 1 مليون طفل في السويد لم يكن أسوأ من تلك النسب الموجودة في فنلندا المجاورة، التي أغلقت المدارس. وفي جزء آخر من العالم أعلن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكي CDC عن عدد حالات إصابات كوفيد - 19 المؤكدة في الولايات المتحدة التي حدثت خلال الفترة من 12 فبراير إلى 2 أبريل 2020، وأشار التقرير إلى وجود 149 ألفا (%99.6) حالة إصابة مؤكدة بالمرض خلال هذه الفترة، يمثل الكبار الغالبية الساحقة منها، وتم الإبلاغ عن 2572 حالة فقط (%1.7) لأطفال أقل من 18 سنة مع عدد وفيات لا يتجاوز 3 أطفال في تلك الفترة.

طبعاً الأرقام تشير إلى أن الأطفال أقل إصابة بمراحل من الكبار، وأن الحالات أقل خطورة، وهذا شيء مطمئن للكثير من الأهالي الذين يرفضون عودة الدراسة بشكلها الطبيعي، ويطالبون بتأجيل التعليم، ولا يدركون أن (الجهل) أشد خطراً من كورونا على الجنس البشري.

مؤخراً حسمت وزارة التعليم الجدل الصادر حول تأجيل الدراسة، وأصدرت قراراً (حكيما) ببدء الدراسة بوقتها المحدد، وعدم الاستجابة لضغوطات التأجيل الصادرة عن مطالب عاطفية، قد تترك أثراً غير محمود على أجيال قادمة. أما التعليم عن بعد فهو (رائع) كمبدأ، ولكن يجب توفير الكثير من الشروط (لنجاحه) ولكي لا يكون حصراً على أبناء (الذوات) والمقتدرين وهي:

-1 جاهزية المدارس الحكومية، والخاصة لهذا النوع من التعليم وجدية المعلمين.

-2حل مشاكل الإنترنت في (جميع مناطق المملكة) وبخاصة بالمناطق الطرفية.

-3قدرة أولياء الأمور على تحمل التكاليف للحصول على السرعة المناسبة للإنترنت.

-4يجب وجود ضوابط للوصول للفائدة المرجوة، ومراقبة مستمرة لمستوى مشاركة الطلاب، وخاصة أن المستهدفين هم فئة الأطفال والذين تصعب السيطرة عليهم في هذا النوع من التعليم، إلا بتحديد وقت يوجد فيه الآباء لمراقبة تحصيل أبنائهم.

شخصياً أرى أن قرار (توقيت) بدء الدراسة بالساعة الثالثة عصراً (للمرحلة الابتدائية)، قرار (جيد)، وليته يشمل جميع المراحل (متوسطة وثانوية)، لضمان رقابة الأهل للأبناء، وتواصلهم المستمر مع معلميهم.

فلا نريد أن نرى ذلك الأب الكادح والأم العاملة منطلقين لأعمالهما مع بزوغ الفجر، وقد (شفطتهم) المدارس الأهلية (شفطاً)، وبالنهاية تذهب تلك الرسوم سدى، ويقضي الأبناء وقتهم في مشاهدة (شباب البومب)، أو متابعة مشاهيرالغفلة، وعوضاً عن بناء المهارات بالجبر والحاسب والتاريخ، نجدهم يبدعون بـ(الشيلات) و(التحفير) بمواقع التواصل الاجتماعي.