يتحدث الأخصائي النفسي «جاي ونش» في موقع تيد الشهير عن آثار الإجهاد والتفكير الطويل في عملك (خارج أوقات الدوام الرسمي)، وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في نمط حياتك، وتشكيل شخصيتك، وكيف يمكن أن يكون سببا في تدهور علاقاتك الاجتماعية والأسرية، بل وكيف قد يكون سببا في موتك.

يبدأ جاي ونش حديثه باحتجازه هو وطبيب مختص في علاج الحالات الطارئة في أحد المصاعد في العمارة التي يسكنانها. وكيف بمجرد انقطاع الكهرباء وتوقف المصعد، بدأ طبيب الطوارئ في الانفعال والخوف من انقطاع الأكسجين والموت، وبدأ يضرب بعنف على أزرار المصعد. وفي موقف طارئ مثل هذا ربما يفرض المنطق على هذا الطبيب الذي يتعامل مع الموت كل يوم أن يكون أكثر هدوءا وتركيزا وأقل انفعالا. ولكنها من منظور الأخصائي النفسي فإن ما حدث هو نوع من (اجترار العمل). فما هو (اجترار العمل)؟

إنه مصطلح نسبي مأخوذ من عمليه الاجترار التي هي عملية فسيولوجية عند بعض الحيوانات التي تعمل بكد، ثم عندما ترتاح تقوم باجترار الأكل الذي في معدتها إلى فمها مرة أخرى لتمضغه. ولكن هذا المصطلح عند البشر يختلف اختلافاً كلياً فهو يعني عدم القدرة على التخلص من تبعات وهموم ومشاكل العمل بعد الانتهاء من ساعات العمل الرئيسة، وهو عمل لا إرادي ونراه مهماً ولكنه يؤدي إلى الاحتراق على الأصعدة كافة. ويستطرد جاي ونش، أنه كان يوميا وفي طريقه من وإلى العمل يفكر في عمله، وماذا سوف يفعل، وأنه بهذه الطريقة أضاف ما يقارب الساعة والنصف من وقته إلى ساعات العمل الرئيسة. كذلك عندما يصل للبيت لا يستطيع أن ينفصل عن هموم العمل، ما يجعله يقضي ساعات أخرى بالانغماس في مشاكل العمل وأداء البعض الآخر، بل والتواصل لفترات طويلة لاسيما تلك الأعمال التي لم تنجز بعد.

ويستطرد قائلا، أنه لاحظ انعكاس ذلك في عدم قدرته على النوم بشكل جيد، فأصبح نومه متقطعا ولساعات قليلة، كذلك حالات الشرود وعدم التركيز التي يعاني منها، وعدم تناول الطعام الصحي.

ويضيف قائلا: إن تلك الضغوط لا شك ستكون سببا في اكتساب العديد من الأمراض، كالضغط والقلب، أو في تدهور الحالة الصحية لمن يعانون من تلك الأمراض أصلا. كذلك لاحظ انخفاض جودة التفكير لديه وعدم القدرة على اكتشاف الطرق الخلاقة لحل مشكلات العمل. وتتفاقم هذه الحالات مع مقدار المسؤوليات والمهام الملقاة على الموظف. الكثير يحب عمله ولكن هذا العمل قد يكون قاتلاً ومدمرا.

ويرى جاي ونش أنه للخلاص من هذا الأمر لابد من تعود النفس على التوقف عن التفكير بالعمل بمجرد انتهاء الوقت المحدد له، ويشمل ذلك عدم الرد على الرسائل والإيميلات المتعلقة بالعمل، وكذلك الاستمتاع بالوقت في سماع الموسيقى أو ممارسة الرياضة أو مشاهدة وسائل ترفيهية، أو الجلوس مع العائلة، وهذا يحقق التوازن بين الصحة والعمل.

وأخيرا ورغم قناعتي وإيماني بكل ما ذكره جاي ونش، إلا إنني أجد صعوبة بالغة في تطبيقه!!