عام هجري جديد يجمعنا، عام هجري جديد يوحدنا، عام هجري جديد نستلهم منه معالم الطريق التي لطالما سرنا عليها مدركين أهمية مواصلة الكفاح في هذه الحياة من أجل مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة.

عام هجري جديد نستذكر معه ذكريات الأعوام السابقة، نستفيد من تجاربنا، ونذكر من جديد على أننا دوما ننظر إلى المستقبل نظرة مملوءة بالأمل في الله، وبالإيمان بأن المستقبل قابل للتحسين دوما وللتطوير.

ونحن نبدأ عامنا الهجري الجديد هذا، فإننا ندرك أننا لا نزال نسير باتجاه كثير من أحداث الحياة التي نخطط لها، وندرك أن التخطيط هو واحد من أهم عناصر النجاح لإدارة هذه الحياة، وللوصول لأهدافنا التي نضعها نصب أعيننا في كل عام جديد.

في عامنا الهجري هذا لا شك أن الإدارة تلعب دورا أساسيا كعادتها في خططنا الحياتية وفي توجهاتنا الشخصية وفي نظرتنا لشكل المستقبل القريب الذي ننشد.

الإدارة ليست قضية مؤسساتية، فالإدارة أسلوب حياة وطريقة تنظيم، وأداة بناء ولطالما كانت كذلك.

في عامنا الهجري الجديد ننظم أوراقنا، نحسن رؤيتنا ونصنع من جديد نموذجا إداريا لترتيب ما يحتاج إلى الترتيب ولتحسين إدارة بعض العناصر الحياتية التي تتطلب هذا النوع من التحسين الإداري.

في عامنا الهجري الجديد يحتاج المرء إلى أن يضع نصب عينيه أهمية الإدارة في حياته الشخصية والعائلية والأسرية وعلى مستوى حتى المعارف والأصدقاء.

في هذا العام الهجري الجديد نضع خلف أظهرنا سلبيات ما عايشناه في العام المنصرم، نضع خلف أظهرنا الإحباطات التي أصابت العالم، ونواصل المسير معتمدين أولا وآخرا على الله معززين قدراتنا وإمكاناتنا مطمئنين إلى ما أنتجناه الآن كأفراد من معارف وخبرات وعلوم حياتية ومهنية قادرة على أن تضعنا دوما على الطريق الصحيح.

إن إدارة عامنا الهجري الجديد على المستوى الشخصي تتطلب منا في المقام الأول إيمانا بأهمية التعايش مع النفس والتصالح معها والتصالح مع المجتمع والتعايش مع الآخرين.

ولا يمكن إدارة العام الهجري الجديد بتفاصيله التي لا شك وأنها ستكون كثيرة من دون أن ندرك أهمية الأولويات وترتيبها، ولا شك أن الإنسان على مستواه الشخصي وعلى مستوى الأسرة القريبة ومن ثم على مستوى المجتمع ككل يحتاج إلى كثير من التنظيم وإلى فهم طبيعة أولوياته الخاصة به وأولوياته في تعامله مع الآخر، ولا يمكن أن تنجح خطة الأولويات من دون أن يكون هناك فهم واستيعاب عميقين لطبيعة تلك الأولويات وأهميتها وما يمكن أن ينتج عنها، ولهذا نحن بحاجة إلى أن نواصل استكشاف قدراتنا والتعرف على إمكاناتنا الكامنة لتطوير تلك التي بتنا ندرك أنها متوفرة لدينا في شخصياتنا وفي نماذج سلوكياتنا.

إن إدارة عام كامل ليست بالمهمة السهلة، وإدارة تفاصيل حياتية شخصية ومجتمعية ومهنية ليست قضية تتشابه لدى الجميع فلكل منا تفاصيل حياته الخاصة به ولكل منا قدراته التي يستطيع من خلالها أن يرسم جدولا زمنيا يمكن في نهايته أن يحقق إنجازات يقوم هو بتحديدها.

ولتنظيم عامنا الهجري الجديد يمكننا أن نضع في البداية تصورنا الشامل لماهية ما نطمح أن نكون عليه قبل نهاية هذا العام، ولذلك لا يمكن أن نرسم مخططاً زمنياً لإنجاز مهام معينة خلال هذا العام من دون أن ندرك أهمية فهم الأولويات من خلال منظور عقلاني منطقي وموضوعي بعيد كل البعد عن العواطف والاندفاع نحو الأهداف المبنية على المشاعر والتي قد تكون في بعض أو كثير من الأحيان أهدافا غير ممكنة لأنها يجب أن تكون مستندة إلى أهداف مسبقة.

انطلاقا من هذه الفكرة، يمكن القول إن وضع خطة إستراتيجية لعامنا الجديد هذا على المستوى الفردي والمجتمعي والمهني يمكن أن تتحكم فيه رؤيتنا الخاصة لأهدافنا الإستراتيجية ومدى عمق نظرتنا لتلك الأهداف فمن يمتلك نظرة عميقة لأهدافه الذاتية والتي يطمح إلى الوصول إليها وتنفيذها خلال عامه الجديد سيكون قادرا على فهم أولوياته ووضع الأدوات الممكنة التي من شأنها أن تقود إلى تحقيق تلك الأهداف، وأما الأفراد الذين لا يمتلكون رؤية عميقة لأهدافهم الإستراتيجية فهم في الحقيقة قد يمضون عامهم الجديد هذا وهم فقط يحاولون أن يتعايشوا مع نسق حياتي غير مبني على أسس واضحة وبالتالي فإن كثيرا من الوقت قد يتم استهلاكه من قبلهم من دون أن يصلوا إلى مستهدفاتهم الإستراتيجية الضرورية والتي من الواجب أن يحققوها في هذا العام لكي يشعروا أنهم قد حققوا شيئا متميزا ويستحق الثناء والتقدير.

في عامنا الهجري الجديد هذا نتمنى من الله العلي القدير أن يوفق الجميع، وأن يكون عاما مليئا بالإنجازات الشخصية الهامة على الصعيد الشخصي وعلى صعيد المجتمع بما يفيد الفرد ومجتمعه ووطنه.

في هذا العام الهجري الجديد نسأل الله العلي القدير أن ييسر لكل مجتهد الأدوات التي سيحتاجها للوصول إلى هدفه وأن يجعل التغلب على العقبات والصعاب أمرا ممكنا.

نتحلى في عامنا الهجري الجديد هذا بكثير من الصبر والشجاعة لمواجهة التحديات مهما كان نوعها ونسعى كعادتنا على أرض هذا الوطن الطيب والطاهر لكي نكون أنموذجا للآخرين بالمثابرة والجد والعمل والاجتهاد، داعين الله عز وجل أن يحفظ مملكتنا وأن يحقق لنا جميعا في هذا العام الجديد ما نطمح له وما نتمناه وما نسعى إليه.