اجتماع كثير من الناس في مكان واحد يفرض عددا من الخواص التي يجب أخذها بعين الاعتبار للتعامل مع هذا الجمع، أحد أهم عناصر التحكم والسيطرة وإدارة الحشود هو التفكير التنبؤي بالحشود.

التنبؤ ليس فقط بالأعداد المتوقع تواجدها في مكان ما، بل التنبؤ أيضاً بحركة الحشود، هذا النوع من التنبؤ هو أحد أهم خطوات التعامل والعمل مع هذا الجمع.

هناك طرق تقليدية للتنبؤ بالحشود كالأخذ بالمتوسطات الحسابية للأعداد السابقة، أو الأخذ بالخبرات السابقة لحركة الحشود. ولكن فيروس كورونا (كوفيد19-) فرض قيودا على التجمعات البشرية والتواجد في الموقع نفسه. بالتالي فإن الأرقام السابقة التي كان يمكن الأخذ بها للحساب والتنبؤ بالحشود لم تعد ذات فاعلية. هذا يعني أن أي تنبؤ حالياً يتطلب تعاملاً مختلفاً.

لحسن الحظ فإن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكنها المساعدة في الحساب والتنبؤ بالحشود. بل إنه قد تم بالفعل استخدامها للتنبؤ بأعداد وحركة الحشود منذ عشرات السنين. ومن الأمثلة الحديثة هو ما أجراه باحثون من جامعة شاندونق نورمال الصينية (Shandong Normal University) حيث يذكر الدكتور هونق ليو (Hong Liu) أنهم تمكنوا من استخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي يمكنها تحليل الصور القادمة من الموقع، وبناءً عليها تستطيع هذه الخوارزمية التنبؤ بحالة أو حركة الحشود. هذا التنبؤ عالي الدقة يساهم بشكل كبير في اتخاذ القرارات اللازمة للإدارة والتعامل مع الحشود.

ما يميز مثل هذه الخوارزميات أنها تستطيع اتخاذ قرارات أو التنبؤ اللحظي بالحشود. بمعنى أنها تستطيع تغيير تنبؤاتها بناء على التغير الذي تراه هذه الخوارزميات. وبالتالي فإنها لا تحتاج إلى بيانات كبيرة أو كثيرة عن التاريخ السابق للحشود. هذه الخوارزمية لا تحتاج إلى معرفة كيف كانت الحشود تجتمع في عرفة، أو كم كانت أعدادها في المناسبات السابقة. وبالتالي فإن مثل خوارزميات الذكاء هذه يمكنها تجاوز العقبات التي أوجدها فيروس كورونا (كوفيد19-) كالتغير غير المسبوق في أعداد المتواجدين في أماكن محددة.

من الأشياء التي تدعو للتأمل هنا أن اتخاذ القرارات بناء على التاريخ والخبرات السابقة ليس في دائم الأحيان القرار الأنسب، وليس بالضرورة الطريقة الوحيدة لاتخاذ القرارات المبنية على التنبؤ بالمستقبل. هناك بعض الأمور التي يكون فيها تحليل الواقع الحالي فقط يعطي نتائج مرضية دون النظر للتاريخ أو الخبرات السابقة، مثلما تمكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بالمستقبل دون النظر للماضي.