هل تعيش السعادة؟

أما زلت تبحث عنها؟ وقلقا بشأن تحقيقها؟

كنت تبحث عن المال والنجاح والأسرة والأطفال والاستقرار بل والشهرة والإعجاب.

إن كنت حققت تلك البنود من حياتك جزءا منها أو كلها هل تشعر بعد تحقيقها بالسعادة، أم يتبع كل تحقيق حلم أو انتهاء بند قلق ما بشأن الاستمرار أو ضمان وجود ذلك الإنجاز؟

هل حققت السعادة لمن حولك أم نقلت إليهم قلقك بشأنهم بدلا من أن تعيش معهم تفاصيلها؟

هل أعطيت لهم الفرصة كي يحاولوا إسعادك أم احتكرت تلك المحاولات لنفسك؟

هل سألت نفسك في يوم من الأيام، هل أنت راض عما حققت أم تعلقك بالمزيد والمزيد يبدد لديك مفهوم الرضا عن ما تفعل.

هل فكرت في أنك بالفعل تحقق السعادة وتشعر بها أم أنك تقوم بمجرد فروض تعارف عليها مجتمعك وأجمع على أن تلك الفروض عندما تكتمل فأنت لا بد وأنك سعيد رغم أنك لا تشعر بذلك كلما رأيت أحداً يسبقك نحو تحقيق خطوة لم تحققها أنت بعد، هل أتى عليك يوم سألت فيه نفسك ما إذا كان أفراد عائلتك يشاركونك نجاحك أم كانوا هم الآخرون لهم مقومات أخرى لمفهوم السعادة؟

هناك أشخاص يمرون أو يحيطون بك يدرسون وهم لا يحبون الدراسة لإرضاء الأهل وتحقيق السعادة لهم، وآخرون يرتبطون بشركاء للحياة من أجل إرضاء من حولهم واعتقادا أن هذا الارتباط سيحقق مفهوم السعادة التي قد تحققها أو قد لا تأتي أبدا!

كثيرون ينجبون أطفالا كي يقال إنهم أنجبوا غير مكترثين بمستقبلهم أو تربيتهم، لكنهم يعتقدون أن وجودهم مع مجرد أولاد شيء يكمل صورتهم، فيمكن أن يحققوا به نوعا من السعاده فيتعسهم من أجل تحقيق إطار واه للسعادة.

هناك من يعرف السعادة على أنها قرار يتخذه الشخص، وآخر يعد السعاده فرصة لا بد وأن يستغلها الإنسان إن جاءت ويحاول العيش بداخلها، وهناك من يفسر السعادة ويقرنها بالرضا، وآخرون يعتبرون السعادة اكتملت في تحقيق الذات والشعور بالوجود في الحياة، وغيرهم يشعرون بالسعادة عندما يحققون أحلام غيرهم ويقومون بخدمتهم.

لا بد أن نفرق بين مضمون السعادة والشعور بها، والإطار والخطوات التي تحققها، والمحدد الرئيس للسعادة هو أنت، وأنت فقط الذي تملك اتخاذ الخطوات التي ترى فيها سعادتك وليس كما كتب وخطط لك الآخرون، أنت فقط الذي عليه اختيار الطرق التي تؤدي لإسعاده لا أحد غيرك، وحينها فقط أنت الذي تكون راضيا قانعا بما حققت أنت.

إعطاء الحق للاختيار هو أهم مقومات السعادة، أعط لكل من حولك الحق في إثبات ما يريد، لا تملِ على أحد ماذا يجب أن يفعل كي يكون سعيدا.

إقنع دائما أن لكل منه بصمته الخاصة وتفكيره وقدراته وقناعاته وإيمانه الذي يختلف كلية عن الغير فكيف يمكن أن نطبق ما يسعد به غيرنا على أنفسنا.. خلقنا الله أغياراً ولم يخلقنا بنفس النسخة، بعث لنا القرآن نبراساً وترك لنا نعمة الاختيار والقرار وتحديد الأوقات التي نتحرك فيها من أجل البدء في تحقيق أول خطوات سعادتنا.

علينا فقط سرد ما مررنا به وتدوينه كي يتعلم منا الآخرون، وليس كي يفعلوا مثلما كنا نفعل.

أنت من وجهة نظرك حققت السعادة التي تقنع بها، ليأتي ابنك وتكون له رؤية أخرى لمفهوم السعادة فلا تجبره على سلك نفس طريقك.

عادة التجربة في حد ذاتها هي قمة الشعور بالسعادة، والاستمتاع بحلاوتها، لا يأتي إلا إذا كان بها نوع من المرارة وقليل من الفشل، أحيانا الشعور بالسعادة من أجمل ما يكون عندما يمتلك الإنسان شرف التجربة وتحقيق الذات.

أخيراً.. السعادة حق وشعور وقرار لا بد أن تتخذه أنت وتسمح لغيرك باتخاذه في الزمان والمكان الذى يراه هو، لا الذي تراه أنت، إن كنت تريدها لك ولغيرك.