بدأ الإنترنت منذ عقود، ومنذ تاريخ نشأته تكوّن معه جانب اجتماعي مرتبط به، الإنترنت في أبسط صوره عبارة عن مجتمعات أو أفراد يشاركون الآخرين معلومات أو صورا أو كتبا أو مقالات، وبتصفحك للإنترنت تتعرف على عدد كبير من هؤلاء الأشخاص، بل وربما تتكون علاقة طويلة قد تتحول في بعضها إلى علاقات عاطفية، فالإنترنت استطاع أن يكون عالما يحاكي الواقع ولكنه افتراضي.

الشخصيات التي تكونت في العالم الافتراضي قد لا تكون حقيقية أو واقعية، بمعنى أنه يتكرر أن يقوم أحدهم بإنشاء حساب له على أحد المواقع، ويتبنى فيه شخصية معينة، وليس بالضرورة أن تعكس هذه الشخصية صورته الحقيقية، قد لا تكون هذه الشخصية الافتراضية سيئة، بل ربما تكون شخصية جميلة يسعى كثيرون لمعرفتها أو للتعرف عليها.

هناك ظاهرة في عالم الإنترنت تحصل بشكل متكرر وتدعو إلى التأمل، وهي أنه بين الفينة والأخرى يتم ملاحظة أشخاص قرروا أن يهجروا العالم الافتراضي بكل تفاصيله، قرروا أن يلغوا كل حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، قرروا أن يتركوا كل ذكرياتهم وعلاقاتهم التي بنوها عبر السنين على الإنترنت، هذه الظاهرة تسمى بـ«الانتحار الرقمي».

الانتحار الرقمي هو أن تقرر شخصية ما الاختفاء من على المنصات الرقمية، هذا الانتحار الرقمي ليس بالضرورة بالأمر السلبي، بل إن الأبحاث العلمية تشير إلى أن ترك أو حتى تقليص عدد ساعات استخدام منصات التواصل الاجتماعي والبعد عن العالم الافتراضي قد يجلب مزيدا من السعادة، تذكر بروفيسورة علم النفس جين توينج (Jean Twenge) من جامعة ولاية سان دييجو (San Diego State University) في بحث لها نشر أخيراً أنها وجدت أن ظواهر السعادة والشعور بالرضا لدى مستخدمي التقنية والشبكات الاجتماعية تختلف كلما اختلفت كمية استخدامهم للتقنية، حيث وجدت أبحاثها أن المقلين في استخدام التقنية هم أكثر سعادة من المكثرين في الاستخدام.

وذكرت البروفيسورة جين أنه لا يمكن الجزم بأن التقنية في حد ذاتها هي المحرك الأساسي للسعادة، أي أن التقليل من استخدام التقنية قد لا يكون هو السبب الرئيسي لازدياد الشعور بالرضا. ذلك لأن الأشخاص الأقل استخداماً للتقنية يستغلون الوقت الإضافي الذي يحصلون عليه في ممارسة عادات إيجابية، كالرياضة أو القراءة أو حتى زيارة الأصدقاء.

إذا كنت من المكثرين في استخدام التقنية سواء الإنترنت بشكل عام أو شبكات التواصل الاجتماعي فربما حان الوقت كي تفكر في صنع عادات إيجابية تجلب لك مزيدا من السعادة.