الأصل في السوق أن يكون حراً بلا تسعير، وقد غلا السِّعرُ على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه، سعِّر لنا، قال (إن اللَّه هو المسعِّر، القابض، الباسط، الرزاق، ..... إلخ).

وهذا الحديث ليس لحماية المحتكرين والجشعين، وإنما لحماية التجار في بيعهم بألا يسعر عليهم بما دون حقهم فيلحق بهم الخسارة، ولذا جاء في آخر الحديث ما يشير للخشية من الظلم.

ولكن إذا كان الباعة قد أسرفوا في الأسعار، فيجب على الجهة المختصة أن تبادر بالتسعير، حفظاً لحق الطرفين، وعدم ظلم أحد منهما.

ولذا قامت الجهات الحكومية المختصة بتسعير الكثير من المواد المتنوعة، مثل الأسمنت في البناء، والأدوية للعلاج، وحتى صوالين الحلاقة.

ولكنك تتفاجأ حينما تذهب لجهات لها الأولوية في التسعير إذ بها مطلقة اليدين بأسعار فاحشة، ليس في «المدارس» الأهلية فحسب، بل حتى في «المشافي» التي تأخذ على الناس مبالغ فاحشة.

والحل في الجمع بين حماية «المستهلك» وتحقيق «المنافسة»، عبر تسعير الحد الأعلى (للحماية) وترك الحد الأدنى (للمنافسة).

ومن المعيب أن تتفرج بعض الجهات المختصة على هذا الغلاء «غير المبرر» وهي صامتة، والأعيب أن تصرح بأن السوق حر ولا علاقة له بالتسعير؛ مما يعني شرعنة هذه الانتهازية بدلاً من مقاومتها بمسؤولية وطنية.