روي عن سفيان الثوري قوله (يا معشرَ العلماء يا ملحَ البلد/‏‏ ما يُصلح الملحَ إذا الملحُ فسد؟!)، واليوم نقيس عليه كل من يحمل راية الفكر والقلم والخطاب، ويسعى لتوعية الناس ونقد الأخطاء بمحبة وحكمة.

وفساد الملح يشمل الفساد الفكري والإداري والمالي، وسبق أن كتبت هنا عن (الفساد الخماسي)، والذي نتطلع من أصحاب القلم أن يكافحوه، لا أن يتجاهلوه، ناهيك عن أن يمارسوه، ولذا كتبت من قبل عن: (فساد القلم)، و(الفسادان المستشريان).

وهذا يشمل الإعلاميين والكتاب، والمغردين والسنابيين الذين لم يكتفوا بتقديم (الإعلانات) دون الكشف عن كونها كذلك، بل وصاروا يسوقون (الدعايات) ليس لصالح القطاع الخاص فحسب، بل حتى للقطاع العام مقابل مصالح خاصة مستترة.

وحينما لا تكشف عن كونك تقوم بإعلان أو دعاية، فإنك تضلل الناس بكونك (شاهداً)، في حين أنها شهادة زور بمقابل مادي.

ولذا يحز في نفسي حينما أرى قناة أو صحيفة، فضلاً عن كاتب أو مغرد أو سنابي وقد تحول من واجبه الرقابي النقدي الإصلاحي إلى تضليل وتطبيل يتستر على التقصير والفساد بمقابل مال عام !

حتى صار المواطن المخلص الذي يتحدث بحرقة وطنية ويكتب بمرارة إصلاحية محل ندرة وتندر واستعداء.

في حين أن المؤسسات العالمية الناجحة تدفع لمن يكشف خللها لتطور نفسها، لا أن تدفع لمن يضللها ويطبل للتستر على عيوبها.