تقول الموسوعة القضائية العربية إن «للمحامي الحق في تقاضي أتعاب لما يقوم به من أعمال المحاماة، والحق في استرداد ما أنفقه من مصروفات في سبيل مباشرة الأعمال التي وُكّل فيها، ويدخل في تقرير الأتعاب أهمية الدعوى والجهد الذي بذله المحامي والنتيجة التي حققها».

كما تؤكد أن «أتعاب المحامي تقدر على ما بذله من عمل يتفق وصحيح القانون، وما اقتضاه هذا العمل من جهد يعتبر لازما للوصول إلى الفائدة التي حققها لموكله، وذلك كله مع مراعاة أهمية الدعوى وقيمة تلك الفائدة التي تحققت للموكل فيها».

ومع اتفاق الجميع على استحقاق المحامي للأتعاب مقابل جهده، إلا أن تقدير هذه الأتعاب ما يزال مجالاً واسعاً للشد والجذب والاختلاف، حيث يرى كثيرون ممن يحتاجون إلى خدمات المحاماة أن المحامين يبالغون ـ وأحيانا يبالغون بشدة ـ في تقدير أتعابهم التي قد تصل إلى أرقام يصفها البعض بـ»الفلكية»، ويرون أن ما يفاقم المشكلة هو غياب اللائحة أو النظام الضابط لتلك الأتعاب، وعدم وجود معايير واضحة تنظم المسائل المالية المتعلقة بعلاقة المحامي والموكل، بحيث لا تسمح لأي منهما باستغلال الآخر.

ويرى كثيرون أن المبالغة في الأتعاب خلق فجوة كبيرة من العزلة بين المحامين، والمحتاجون إلى خدماتهم، ودفع بهؤلاء المحتاجين إلى اللجوء إلى المعقبين أو «الدعوجية» كما يطلق عليهم، للهروب من «لسع» نار أتعاب المحاماة.

تكفل الدولة

أتاحت وزارة العدل للمتهم في الجرائم الكبرى، والذي لا يمتلك قدرة مالية لتوكيل محام، إمكانية ندب محامٍ للدفاع عنه على نفقة الدولة، تعزيزا للضمانات القضائية، وتقدر أتعاب هذا المحامي وفق الآلية التي تضعها الوزارة، حيث يتقاضى 5 آلاف ريال كحد أعلى و3 آلاف ريال كحد أدنى في الجلسة الواحدة، بحيث لا يتجاوز مجموع ما يتقاضاه عن كامل القضية في جميع جلساتها الـ100 ألف ريال.

وكشف رصد استقصائي أجرته «الوطن» عبر التواصل مع عدة مكاتب للمحاماة في الرياض، استفسرت خلاله عن كيفية تقديرهم لأتعاب المحامي، وعن وجود قاعدة تسعير واضحة ومتفق عليها بين أصحاب المهنة، فوجدت أن كل محام يقدّر أتعابه بطريقته وحسب اجتهاده في تنبؤ مصير القضية ومدتها وجلساتها، كما تتفاوت تقديراتهم للاستشارات القانونية، فالبعض يتقاضى 500 ريال للاستشارة، فيما يتقاضى آخرون مبالغ كبيرة تصل إلى 10 آلاف ريال.

وأوضح محامون تم التواصل معهم وسؤالهم عن تكلفة عدد من القضايا المتنوعة أن الأتعاب تتحدد وفق عدة عوامل، منها:

1ـ خبرة المحامي

2ـ نوع القضية

3ـ الزمن الذي تستغرقه تقديريا

أتعاب القضايا الجنائية

يتقاضى المحامون في القضايا الجنائية مقابلا بدفع مقدم، ولا يحسب من أتعاب المحامي، ويُرجعون ذلك إلى تعقيدات تلك القضايا التي تنطوي على إجراءات قانونية عدة ومعقدة (مثلا، جلسة استماع أولية، واختيار هيئة المحلفين، والمحاكمة، والالتماسات، والكتابات والطعون)، كما قد تكون التهم فيها خطيرة.

معلومات عامة

يشكو فرج محمد من أن أسعار المحامين مبالغ فيها كثيراً، ويقول «بعض المحامين يطلب 500 ريال ثمن استشارة مدتها نصف ساعة، وفي الأخير يعطيك معلومات عامة، بل وقد يدخلك متاهة معقدة، ويحاول إقناعك بضرورة توكيل محام».

ويضيف «أطالب وزارة العدل بوضع لائحة للمحامين والمحكمين تحدد أتعابهم في القضايا والاستشارات».

كما اشتكت نورة الأحمد من ارتفاع أسعار المحامين ووصفتها بأنها «نار، مثل حرارة الصيف»، مشيرة إلى أن «بعض المحامين يقومون بتقسيم قضية الطلاق، إلى قضية طلاق، وقضية نفقة، وقضية حضانة، كما يمكن أن يعد الاستئناف قضية منفصلة، وفي حال مراعته لظروف موكلته فقد يقبل بتقاضي 25 ألفا على القضية الواحدة، وهذا كثير».

جهود تفوق الأتعاب

مقابل شكوى المتقاضين، يدافع المحامون عن استحقاقهم لأتعابهم سواء في التقاضي أو الاستشارات، ويقول المحامي باسل الحويكم «ما نتقاضاه من أتعاب أقل من الجهد المبذول... البعض يتوقع أن أتعابنا مرتفعة أو مبالغ فيها، وينسى أن المحامي يبذل جهدا كبيرا ويستغرق ساعات عمل طويلة لحل المشكلات التي تفرضها عليه القضايا».

بدوره، يرى المحامي نواف النباتي أن للخبرة ثمنها، ويقول «قد ينزعج البعض عندما يطلب منه المحامي أتعابا مقابل تقديم استشارة، وهو ينسى أن الاستشارة هي خلاصة عُصارة خبرة المحامي ودراسته وإطلاعه وقراءته ومعايشته لقضايا مرت عليه أو تابعها».

ويضيف «يستهين البعض بأهمية الاستشارة، ويعدها مجرد سؤال، وكأنها سؤال عابر، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فاستشارة المحامي قد تجنب السائل كثيراً من المخاطر التي يمكن أن تكلفه أضعاف أضعاف كلفة الاستشارة».

توحيد الأسعار

يرى بدر الحارثي أن الأتعاب سواء تعلقت بالقضايا أو الاستشارات لا تتناسب أحياناً مع الفائدة التي يجنيها من يسدد هذه الأتعاب، مطالبا بتقنين وتوحيد قيمة الأتعاب، ويقول «دخلت عند محام معروف بعد أن دفعت 1000 ريال لمجرد استشارة، وخرجت من مكتبه دون فائدة، وأرى أنه لا بد من توحيد وتقنين الأتعاب بتسعيرة معينة، وأي شيء يتخطاها لا بد أن يكون بعد معرفة العميل لسعر السوق وموافقته على هذا التخطي».

وأضاف «بلغت أتعاب الاستشارات عند بعض المحامين نحو 1500 ريال، ناهيك عن أتعاب القضايا وتباينها، فقد يطلب منك محام 40 ألفا، ويطلب آخر 60 ألفا، ويطلب ثالث 90 ألفا في قضية عادية أسقطت من أول جلسة، وأرى أن هذا الأمر يعد استغلالا».

وتابع «بعض المحامين يطلب من العميل أرقاما فلكية كمقابل للأتعاب، وسبق أن توجهت ذات يوم إلى أحد المحامين لتوكيله في قضية سندات لأمر أريد تنفيذه، فطلب مني 40 ألف ريال، مع أن الموضوع ليس فيه منازعة، ويمكن تقديمها أونلاين لمحكمة التنفيذ».

وأكمل «مع احترامي وتقديري، فإن التعامل مع بعض المحامين يشبه تعامل من يشتري سمكا في البحر، فالمحامي يتقاضى أتعابه، فيما يبقى مصير العميل معلقاً، فالأتعاب لا تربط بكسب القضية، وإنما فقط بجهد المحامي وتقديره».

غياب الآلية

‏اعتمدت وزارة العدل، هيئة المحامين جهة خبرة لدى القضاء في تقدير أتعاب المحاماة، وقال عضو الهيئة السعودية للمحامين، المحامي ريان قربان إن «مكاتب المحاماة تفتقد لآلية معينة تحدد أتعاب المحامي، وأغلبيتها تبني قيمة أتعاب القضايا على اجتهادات شخصية من قبل صاحب المكتب، كما أن بعض المحامين لا يفقهون كيفية تقدير الأتعاب».

ولفت إلى أن وزارة العدل في حال تكليفها لمحامٍ بالتقاضي في قضية بالمحكمة الجزائية المتخصصة فإنها تحدد رسوم التقاضي ما بين 3 و5 آلاف ريال.

وخلال ورشة عمل حملت عنوان «الرسوم القانونية والتعويضات» وعقدت على هامش المؤتمر السعودي الثاني للقانون الذي عقد بالرياض، أخيرا، كشف قربان عن توجه وزارة العدل لتشكيل لجنة خاصة بتقدير أتعاب مكاتب المحاماة وتعويضات التقاضي، وأنها سترى النور قريباً، مبيناً أن تقدير الأتعاب سيتم من خلال خبراء مختصصين في مجال المحاماة، على أن يكون تقديرها بشكل تقريبي وعادل.

وأوضح أن عدد المحامين بالمملكة كان قبل 3 سنوات نحو 3 آلاف محامٍ، وحالياً يبلغ عدد المحامين 7 آلاف محامٍ، وعدد المتدربين 10 آلاف متدرب، مشيراً إلى أن هناك عشرة مكاتب محاماة سعودية كبيرة يبلغ الدخل السنوي لكل منها نحو 100 مليون سنوياً، وهي تعمل في الاستشارات وكتابة العقود القانونية.

ولعل هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المحامين، تؤكد الحاجة الملحة لتنظيم تقديري لأتعابهم، بحيث لا تترك الأمور لمجرد التقديرات الشخصية.

صعوبات التنفيذ

على الرغم من المطالبات الكثيرة بتنظيم وتقنين أتعاب المحاماة، فإن التقنين يبدو صعبا من الناحية العملية، فحتى لو حددت الوزارة كلفة ندب المحامي في الجلسة الواحدة بين 3 و5 آلاف ريال، فإن أتعاب القضية الواحدة تراوح بين 30 ألفا وقد تصل إلى 100 مليون ريال، وهي تخضع في ذلك إلى كثير من الاعتبارات لها علاقة بخبرة المحامي وسمعته وتجربته، وبنوع القضية وطول إجراءاتها وتعقد فصولها، ولها ارتباط بالمبالغ التي تتم المطالبة بها أو تحصيلها، إن الأتعاب تتناسب حتما مع ظروف القضية، وربما نتيجتها كذلك.

ويتفق كثير من المختصين على أنه لا يمكن وضع ضابط شامل لمعايير تقدير الأتعاب، ويرون أن القضايا العقارية والتجارية ربما تتصدر من حيث قيمة أتعابها، تليها الجنائية، فيما تقف قضايا الأحوال الشخصية في ذيل القائمة.

ويتفق معظم المحامين على أنهم يقدرون أتعابهم وفقاً لتقديرهم للقضية، فيما يحدد بعضهم هذه الأتعاب كنسبة من المبلغ المطالب به أو المحصّل، ويبقى الاتفاق عليها رهن التفاهم بين المحامي والموكل وفقا لقاعدة شرعية تؤكد أن المسلمين على شروطهم.

المغالاة لتأكيد القدرة

يرى أحد المحامين أن احتساب المحامي لأتعابه بطريقة عادلة ليس أمراً متيسراً، وهو يقع أمام خيارين عند التصدي لهذه العملية، وهما:

1ـ المغالاة، وهي قد تؤثر على سمعته كمحام مغال في أتعابه، وتقلل إقبال العملاء عليه.

2ـ التدني، يخشى المحامي أن يدني من قيمة أتعابه، فيظن فيه بتواضع الخبرة والإدارك لأهمية القضية.

ويعتقد أن من العوامل المساعدة للوصول إلى تقدير عادل للأتعاب، هي احتسابها على أساس نسبة قد تكون 10% من قيمة المبلغ الذي يُطالب به الموكل، أو على أساس 1% في تحرير العقود على مشاريع أو شركات أو مقاولات على ألا تقل مثلا عن حد أدنى، أو على أساس المشقة والجهد كما هو الحال في القضايا الجنائية، مع احتساب العدد المتوقع لجلساتها وتحديد مبلغ لكل جلسة، أما فيما يتعلق بالاستشارات فيرى أنها تحتسب على أساس أجرة الساعة.

حالات تقدير الهيئات المعنية أتعاب المحاماة

أولا عند وجود اتفاق خطي

يستحق المحامي المبلغ المتفق عليه

ثانيا وجود اتفاق شفوي

عند ثبوت الاتفاق يستحق المحامي ما اتفق عليه

عند العجز عن الإثبات تقدر الأتعاب وفق القواعد العامة

ثالثاـ عدم وجود اتفاق شفوي أو خطي

يتم التقدير وفق التالي:

1 - أهمية القضية: حجم العمل اللازم، صعوبة الموضوع، المبالغ موضوع القضية.

2 - الجهد المبذول: مرافعات أو أعمال إدارية.

3 - مكانة المحامي: أقدميته، شهرته.

4 - حالة الموكل: حالته المادية

رابعا عزل المحامي

يستحق المحامي كامل أتعابه

خامسا اعتزال المحامي

لا يجوز اعتزال المحامي دون تبليغ الموكل

يستحق المحامي الأتعاب إذا كان اعتزاله لأسباب موجبة

يستحق المحامي أتعابه عما قام به قبل الاعتزال

سادسا: انتهاء النزاع صلحاً:

يستحق المحامي كامل الأتعاب إن كان الصلح من قبله وبمعرفته

تقدر الهيئة الأتعاب إذا تم الصلح دون علم وموافقة المحامي