ظل الإعلام السعودي منذ بزوغه وحتى يومنا هذا ينعم بالعديد من القفزات المهنية والتحولات المختلفة، حتى أصبح رقما مهماً على خارطة الإعلام العربي. ولا شك أن نمو وتشكل وازدهار واستقرار الإعلام السعودي بكل ما فيه من مراحل ما كان ليتم لولا عناية فائقة وسلامة المنهج وتوفير كافة المناخات الملائمة والمحفزة، وما تميز وتنامي الإعلام السعودي سوى امتداد لتميز المملكة في كافة الأصعدة والمجالات حتى أصبحت المملكة محط أنظار العالم قاطبة.

ونحن اليوم إذ نحتفل بالذكرى التسعين لتوحيد هذه البلاد نستحضر في ذاكرتنا العديد من قصص النجاح والتميز لهذه الأرض في مختلف المجالات، بدعم مباشر ورئيسي من قيادة هذه البلاد، على مدار العقود التسعة الماضية، وما الإعلام سوى أحد المجالات التي حظيت باهتمام القادة لإدراكهم بأهميته منذ البدايات.

إن الدولة ومنذ نشأتها على يد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه أدركت أهمية الإعلام ودوره الفاعل والتنموي في أي مجتمع، وإسهامه في تنمية الحركة الثقافية والأدبية. ولعلنا هنا نتذكر حينما استعان الملك عبد العزيز بيوسف ياسين الذي كان من رجالات السياسة في عهد المؤسس، وأوكلت له العديد من الملفات الإعلامية قبل أن يتولى رئاسة تحرير أول صحيفة سعودية (أم القرى)، التي كانت النواة الحقيقية والفعلية لولادة الإعلام السعودي. وفي عهد المؤسس تم إنشاء الإذاعة السعودية عبر مرسوم ملكي حدد من خلاله -رحمه الله- آلية وإستراتيجية سير عمل الإذاعة، والتي أصبحت إلى يومنا هذا خارطة طريق لمنهج سير إعلامنا السعودي وماهي الأطر المهنية له.

إن تنامي أعداد الصحف والمطبوعات والمجلات منذ عهد المؤسس يعطي دلالة واضحة وصريحة لنظرته الثاقبة نحو الإعلام وإسهامه الكبير في أي مجتمع. وقد سار قادة هذه البلاد على هذا النهج من بعده وواصل الإعلام السعودي تشكله ونموه وازدهاره، واستطاع أن يعبر محيطه المحلي لآفاق أكبر وأوسع من ذلك.

ولا يمكننا الحديث عن الإعلام السعودي وأبرز الأسباب التي أدت إلى نموه ونجاحه دون أن نتطرق لشخصية لها بالغ الأثر في ذلك النجاح، والمتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ أن كان أميرا للرياض. فلا يمكن أن تجد إعلاميا يحكي عن قصص نجاح إعلامية دون أن تجد أن الملك سلمان كان له قصة معه، ودور بارز في توفير وتهيئة كل سبل تطوير المهنة والمحافظة عليها. خصوصا وأن الكثير منهم يروي قصصا عديدة عن حجم المتابعة والقراءة الهائلة لدى شخصية الملك سلمان للكتب والصحف.

وعندما نتمحص كلمة الملك سلمان للإعلاميين ندرك تمام الإدراك حجم معرفته بتفاصيل الإعلام والدور المناط به كجهة رابعة رقابية، وذلك حينما ذكر (رحم الله من أهدى لي عيوبي)، في إشارة واضحة وصريحة لإيمانه المطلق بدور الإعلام في النقد البناء الهادف، الذي يسهم في بناء الوطن ودفع عجلة التنمية.

كما أن الأحاديث الإعلامية لسمو ولي العهد سواء للإعلام الداخلي والخارجي وتركيزه الدائم على مبدأ الشفافية تعطي مؤشرا واضحا عن دعم سموه للقيام بدوره، واعتبار الشفافية أحد أهم المقومات الأساسية لإنجاح الرؤية.

لذا ينبغي علينا نحن في الحقل الإعلامي أن نكون على قدر تلك الثقة والمسؤولية الملقاة على عاتقنا من قبل القيادة، وأن نترجم ونعكس تطور المملكة على كافة الأصعدة والمناخات على مجالنا الإعلامي. من حيث تجويد المحتوى الإعلامي بشكل دائم، والاتسام بالمصداقية والمهنية، وأن يكون الإعلام معول بناء في المجتمع لا هدم، وأن يشكل الإعلام حائط صد لكل من حاول العبث بأمن واستقرار الوطن، وهي أمور يجب أن يستشعرها الإعلامي من منطلق وطينته. خصوصا أن الممكنات الآن أصبحت أكبر لخلق تميز إعلامي نوعي ومختلف، إذ ننتظر جميعا المشروع الإعلامي القادم والمتمثل في المدينة الإعلامية لاستكمال وتطوير مسيرته.