كم مرة بحثت في جوجل عن أعراض تشعر بها بحثاً عن التشخيص؟ وكم مرة فزعك التشخيص!! كثير من الناس لا يحبون الذهاب للمستشفيات ففيها ضياعٌ للوقت، وأحياناً ضياعٌ للمال، واللجوء لقوقل لمعرفة المشكلة وحلها ربما كان خيارهم الأسهل. ولكنه ليس علماً دقيقاً أو تشخيصاً صائباً، فآلام البطن مثلاً تحتها قائمة من الاحتمالات من اضطرابات قولونية بسيطة حتى، حفظكم الله السرطان، الوحيد الذي يستطيع التشخيص هو الطبيب بأخذ التاريخ المرضي، والفحص السريري والفحوصات المخبرية والتصويرية إن احتاج الأمر لذلك. لاحظت أن أهالي مرضاي يأتون يسألون عن أشياء لا علاقة لها بطفلهم، ويقولون قرأنا في قوقل، قوقل ربما يفيدنا في أشياء كثيرة لكن ليس من بينها التشخيص والعلاج.

يمكن أن تختلف جودة وموثوقية مواقع الويب بشكل كبير، هناك كثير من الآراء، وكثير منها يقوم على آراء غير المختصين أو مجرد دردشة في منتديات.

وفقاً لإحصائية أجراها أحد مراكز الأبحاث الأمريكية في عام 2013م أظهرت أن 72% من مستخدمي الإنترنت الأمريكيين البالغين بحثوا عن معلومات طبية، واعترف 35% منهم أن البحث كان بغرض إيجاد تشخيص طبي لهم أو لأحبتهم. لا توجد لدينا إحصائية وطنية لتحديد عدد الأشخاص الذين يبحثون في النت عن المعلومات الطبية لتشخيص أعراضهم، ولكن أظن أنها ليست بأقل من هذه النسبة إذا تجاوزنا ما يتداوله الناس من معلومات طبية وعلاجات في رسائل الواتساب .

ما المقلق في الأمر؟ المقلق في أن يبحث الشخص عن أعراضه في محرك البحث قوقل هو أمران: 1- أن يتم تأخير تشخيص الحالات الطبية التي تحتاج لتشخيص مبكر لمنع المضاعفات. 2- أن تتسبب التشخيصات الخطأ في إثارة الفزع والقلق والاضطراب النفسي لدى الأشخاص حينما يعرف مثلاً أن ما يحس به من مغص بين حين وآخر ممكن أن يكون سببه مرضا خبيثا.

أحياناً حتى من لم يكن مصاباً بمرض فقد يؤدي البحث عن الأعراض والأمراض الطبية عبر الإنترنت إلى زيادة القلق غير المبرر والوسوسة.

هناك بعض المواقع الخطيرة والتي تقدم نصائح طبية خطأ، بالذات تلك التي تهتم بالأعشاب والطب البديل بحيث لا نعرف حقيقة شهادة من يقف خلف هذا الموقع ونجهل سيرته الذاتية، كثير من الحكايات راح ضحيتها مريض كان يحتاج أن يصل إلى الطبيب قبل أن يصل إلى دكتور قوقل الذي أخذه إلى منحى آخر غير حقيقة مرضه. في بلدان معينة تستخدم خدمة الطبيب الرقمي (digital doctor)، بحيث تمنح استشارات طبية مجانية مع أطباء حقيقين وجهاً لوجه على مدار الأربعة وعشرين ساعة.

لدينا في وزارة الصحة تطبيق صحة ويقدم خدمة الاستشارات الطبية المجانية من أطباء معتمدين من وزارة الصحة، هذا سيقلل كثيراً اللجوء إلى دكتور قوقل والبحث عن تشخيص لأعراض نشعر بها. تمنيت أن تكون لدينا دراسة تبين نسبة مستخدمي محرك البحث قوقل للبحث عن المعلومات الطبية قبل استحداث تطبيق صحة وبعده، لنجد الفرق ونعرف مدى فعالية ما نصنع ونستمر ونتطور. التقييم المستمر لما نقوم به هو الدافع للتحسين والاستمرارية.

لا تتأخر في طلب الرعاية الطبية عندما تحتاجها، قد يكون البحث في قوقل أكثر راحة، فليس هناك أسهل من أن يكون طبيبك في جيبك! ولكن إذا كان لديك شيء يثير قلقك فبدلاً من إخبار قوقل، أخبر طبيبك.

@seniordoctor