دأبت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على محاربة الفساد في جميع قطاعات الدولة والقضاء عليه، ومن القطاعات الحيوية التي طالها التفتيش والتمحيص والمحاسبة قطاع القضاء. وتوج الأمر الملكي بإنشاء لجنة التحقيق في قضايا الفساد جهد أكثر من عامين وأن الرسالة الأساسية وصلت، وهي أن محاربة الفساد في المملكة أصبحت ثقافة حقيقية، وأن هناك اليوم إجراءات كفيلة بالوصول إلى أي مفسد يستغل السلطة والصلاحيات الممنوحة له من أجل مصالح شخصية انحرفت بعيدا عن المصلحة العامة. وأن البيئة الاقتصادية في المملكة اليوم تسير بثبات نحو تعزيز مكانة المملكة في العالم تعزيزا يتسم بالاستدامة.

تأديب المتهاونين والمقصرين

قاد وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني حربا على الفساد في وزارته وضبط كافة المتهاونين من منسوبي الوزارة بمن فيهم بعض القضاة، إذ سبق للوزير أن أحال 4 من القضاة إلى دائرة التأديب سواء للمحاكمة أو التأديب نتيجة ارتكابهم مخالفات عدة مثل خلل في الانضباط والتهاون في العمل وتذمر المستفيدين فضلا عن ارتكابهم عدة مخالفات أخرى.

وتمت إحالة القاضي الأول إلى دائرة التأديب نتيجة كثرة غيابه عن الدوام دون إجازة رسمية وتأخره في الحضور أحيانا، وتذمر المراجعين من الدائرة التي يعمل فيها وعدم انتظام جلساتها.

أما القاضي التالي فأحيل إلى دائرة التأديب لتأخره وإطالة نظر القضايا دون مبرر مُعتبر، وعدم الجدية في إنهاء وإقفال قضايا المراجعين، وضعف إنتاجية الجلسات القضائية، فيما أحيل القاضي الثالث لدائرة التأديب لمحاكمته بسبب قيام موظفي دائرته بالضبط باسمه وهو متغيب عن العمل، وكذلك عدم فتح الجلسات في بعض الأيام والتأخر عن الدوام.

كما تمت إحالة القاضي الرابع لدائرة التأديب لعدم ذهابه إلى المحكمة المنتدب إليها، وعدم فتح جلسات مواعيد تم تحديدها.

تردي الإنتاجية

من ضمن القرارات التي اتخذت أيضا لمكافحة الفساد إحالة وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الدكتور وليد الصمعاني 3 قضاة من محاكم مختلفة في المملكة إلى دائرة التأديب، لعدم انضباطهم وتردي إنتاجيتهم.

وأوضحت المصادر أن قرار الإحالة تضمن عدة مخالفات من بينها جوانب إجرائية، وعدم الانضباط في العمل، والتأخر عن تحديد المواعيد، وكثرة الغياب، وتردي مستوى الإنتاجية، ووجود ملاحظات على بعض القرارات الصادرة من أحدهم، والتأخر عن العمل والانصراف منه مبكراً رغم كثرة المراجعين.

وأشارت إلى أن القرار جاء بعد تقارير أصدرها التفتيش القضائي الذي يتولى المتابعة الميدانية والإلكترونية لأعمال المحاكم والقضاة بحقهم.

التفتيش القضائي الإلكتروني

في 2017، أطلق المجلس الأعلى للقضاء مشروع «التفتيش القضائي الإلكتروني» الذي يقوم برصد وتحليل وتقييم وتقويم كل ما يتعلق بالإجراءات العدلية وسير العمل في المحاكم.

وأحال المجلس الأعلى للقضاء 6 قضاة إلى دائرة التأديب بعد تلقيه عددا من شكاوى المراجعين التي أثبتت تأخرهم في افتتاح الجلسات والبت في القضايا، إضافة إلى ما رصده التفتيش الإلكتروني الذي يحدد أسباب التأخير وعدم الانتظام.

وتعقد اللجنة التأديبية جلسات لسماع دفوعات كل قاضٍ، وفي حال عدم حضوره يصدر الحكم في حقه بعد التحقق من صحة تبليغه، ويكون الحكم إما باللوم أو الرفع للجهات العليا.

وأولى المجلس أهمية كبيرة لحقوق المراجعين واعتبرها من أولوياته، وهو ما أوجب المتابعة الدقيقة مع القضاة لكافة القضايا وذلك لمعرفة تكييف القاضي للقضية وصحة السير فيها وسلامة إجراءاتها وإنجاز العمل وإتقانه وأداء الواجبات الوظيفية وصحة الأحكام ودقة منطوقها وشمولها للطلبات، وحسن الصياغة وتطبيق الأنظمة والتعليمات وتسبيب الأحكام وتلافي القاضي المفتش عليه الملاحظات المعتمدة على عمله في التقرير السابق.

وذكرت المصادر أن قياس إنجاز القاضي يعتمد على انتظام وانضباط الجلسات، وسرعة الفصل في الدعاوى، وعدد المواعيد، ونوعيتها، واستعانة القاضي بسلطته التقديرية لتحديد أمد المواعيد، وعدد القضايا المنجزة التي صدرت فيها أحكام، وتفعيل نظام المرافعات في الحكم على الممانع والغائب، والتعامل الصحيح مع البيانات في الإمهالات والحكم في القضية إذا تهيأت للحكم، وسرعة الإجابة على ملحوظات محكمة الاستئناف.

لا للرشوة في القطاع القضائي

باشرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية التحقيق مع قاضٍ بإحدى المحاكم العامة، تسلم رشوة وعمل في التجارة، حيث باشرت إجراءات التحقيق مع قاضٍ بالمحكمة العامة بإحدى مناطق المملكة، بعد ورود بلاغ عن قيام القاضي باستلام مبالغ مالية (رشوة) في قضايا منظورة لديه والاشتغال بالتجارة، وقد أظهرت نتائج التحريات صحة البلاغ المقدم ضده، إضافة إلى تورط الوسيط الذي عينه القاضي لاستلام مبالغ الرشوة، بالتعاون مع شقيق القاضي (ضابط برتبة عقيد) ورجال أعمال ومحامٍ، بجرائم الرشوة، وغسل الأموال، والاشتراك في الاستيلاء على المال العام، واستغلال النفوذ الوظيفي، وسوء الاستعمال الإداري.

وتم القبض على القاضي بعد استكمال إجراءات القبض والتوقيف من المجلس الأعلى للقضاء استناداً للمادة الـ 68 من نظام القضاء، وقد أقر جميع الموقوفين بالتهم المنسوبة إليهم، وجار إحالتهم للقضاء بعد استكمال جميع الإجراءات بحقهم، مؤكدة أن ما قام به «هو سلوك فردي لا يمثل نزاهة وكفاءة وعدالة القضاة في السعودية، مثمّنة دور المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل في التنسيق الدائم بما يحمي استقلال القضاء وعدم التأثير على القضاة في أعمالهم.

مكافحة التسيب ورفض استقبال المراجعين

تمكنت إدارة التفتيش القضائي في المجلس الأعلى للقضاء أيضا من فتح تحقيق موسع مع رئيس محكمة كبرى و3 من قضاتها، بتهمة التسيب في أوقات الدوام ورفض استقبال رئيس المحكمة للمراجعين. وقالت مصادر عدلية إن وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني أمر بإخضاع القضاة الأربعة للتحقيق والمساءلة، نظير رصد مخالفات إدارية بحقهم، بعضها يتعلق بمخالفة الأنظمة والتعليمات المنظمة لإجراءات القضايا.

وتمثلت المخالفات المرصودة عليهم في عدم التزامهم بأوقات الدوام الرسمية سواء في الحضور أو الانصراف، مما تسبب في تأخر البت في القضايا التي تنظرها تلك المحكمة، فيما تم تسجيل شكاوى مستمرة بحق رئيسها، لرفضه استقبال المراجعين في مكتبه.

ويضطلع برنامج التفتيش القضائي الإلكتروني المدشن أخيرا بدور فاعل في ضبط الأداء داخل دور العدالة في البلاد، حيث عزز بشكل كبير من الآليات الخاصة بمتابعة القضاة ومستويات الإنجاز وتطورات سير القضايا.

ضبط قاضٍ متلبسا أثناء استلامه رشوة للإخلال بواجبات الوظيفة العامة

استغلال قاضٍ آخر نفوذه الوظيفي واستلامه رشوة

إحالة 4 قضاة لدائرة التأديب نتيجة ارتكابهم مخالفات عدة مثل خلل في الانضباط والتهاون في العمل

تأديب 3 قضاة من محاكم مختلفة لعدم انضباطهم وتردي إنتاجيتهم

تأديب 6 قضاة لتأخرهم في افتتاح الجلسات والبت في القضايا

معاقبة رئيس محكمة كبرى و3 من قضاتها بتهمة التسيب ورفض استقبال رئيس المحكمة للمراجعين

التفتيش القضائي الإلكتروني

أطلق 2017 ويعنى برصد وتحليل وتقييم وتقويم الإجراءات العدلية وسير العمل في المحاكم

التحقق من سلامة شكوى المستفيدين ضد القضاة من خلال فحصها وسرعة معالجتها والحدّ منها

الوصول إلى الحقيقة العادلة بالتحقيق في كل ما يقدح في سلامة عمل القاضي أو أدائه لواجباته الوظيفية

تقويم وتقييم عادل متقن لتقارير المفتشين القضائيين

تطوير الأنظمة الإلكترونية العاملة في المحاكم والتفتيش القضائي

تقريب المعلومة القضائية الموضوعية والإجرائية للقضاة من خلال رصد الملحوظات التفتيشية المعتمدة

توثيق قاعدة بيانات لأعمال القضاة للإفادة منها عند الاقتضاء تتصف بالسرية والخصوصية

قياس الأداء ومتابعة المحاكم وأعمال القضاة والأعمال التطويرية