عندما يعبر اليوم الوطني ساعات الأيام وخارطة الأشهر والسنين، يأتي جديداً في كل إطلالة منه، ليحكي ملامح وطني الأجمل من بين البلدان، فتترسخ حينها القصة المبهرة والرواية الأكثر إدهاشا في تاريخ وحدة الدول والمجتمعات، حيث نستعيد من رصيد الذاكرة تلك اللحظات المجيدة التي أُعلنت فيها وحدة تراب هذا الوطن، واجتماع شمل قلوب مواطنيه على قيادة واحدة من النسيج ذاته، ومن الأرومة نفسها لتكون الأيام خير شاهد على نبل الغايات، وسلامة المقاصد بين القيادة والمواطن، ليتحول ما كان في لحظة عصيا على الخيال إلى واقع يلمسه الجميع، ويعيش تفاصيله المبهرة، التي تعطي لتَقدُّم ورفاه الوطن والمواطن القيمة العليا في كل المناسبات والأوقات..

إننا عندما نستحضر هذه المناسبة كل عام تتقدم الذاكرة محتشدة بكل صور الانتماء والاعتزاز لهذه الأرض، وارثة مجد الإسلام والمسلمين لتكون زادا للمستقبل ورصيداً للحاضر، بما يجعل الفعل الإنساني الرشيد الذي تقدمه بلادنا في حراكها الإنساني والحضاري ذا قيمة خاصة، كون هذه الأرض المباركة منطلق رسالة السماء ومنبع العروبة الأصيلة، بما لكل ذلك من اعتبار مهم في توحيد البلاد العربية والإسلامية على كلمة السلام والإسلام، والشراكة مع بقية الأوطان على مستوى العالم في دعم صور الرخاء الإنساني واحترام حقوق الإنسانية جمعاء.

إن المملكة العربية السعودية قيادة وشعبا تعي قيمتها الحضارية الإنسانية، مما يتيح لها الإسهام في إعمار الحياة، ودعم كل الشراكات المتاحة مع دول العالم ومؤسساته لتغدو أيامها مليئة بالجهد الإنساني الذي يبني وينمي، ويساند ويساعد في كل شؤون الحياة، فهذا الوطن ولد مكتمل البناء، راسخ الهوية منذ تأسيسه وتوحيد شتاته على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله، الذي كان مدركاً للأدوار المطلوبة منه في تقدم شعبه ووطنه إلى جانب بقية الشعوب والحضارات.

إن اليوم الوطني فرصة لنقف على تلك المنطلقات التي ساهمت في نجاح وتقدم الإنسان على هذه الأرض بعد غياب عن مسرح الحياة وصناعة التاريخ لعدة قرون، منذ عهد البعثة النبوية الشريفة على صاحبها أزكى الصلوات والتسليم، وهو أمر مستوجب لحمد الله عز وجل، إذ لمسنا وارف ظلال السلام بعد الاصطلاء بجحيم الخوف، وعرفنا سابغ لباس الوفرة بعد أن مسّنا شظف العيش والفقر، ونعمنا باجتماع الكلمة ووحدة القلوب بعد طول الفرقة والشتات..

إن صورة المستقبل الذي تنشده قيادة هذا الوطن، أتت واضحة المعالم من خلال تدشين تلك الرؤية العظيمة (2030) التي تستهدف ريادة الحياة في كل المجالات ودعم كل جوانب التنمية والاستثمار في الإنسان، كونه المكتسب الأكثر استدامة من بين كل الموارد، حيث يعول عليه في حمل الوطن إلى منصات التميز بكل جدارة واستحقاق، الأمر الذي كان وما زال الغاية الأجل والأعلى التي حرص عليها قادة وملوك هذا الوطن العظيم رحمهم الله، وأكدها الملك القائد الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده القوي الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، صانع التغيير وملهم الشباب، فأثمرت الجهود عددا من المكتسبات في كل الجوانب، حتى باتت المملكة ضمن الدول المتصدرة للمشهد السياسي والاقتصادي والثقافي والتعليمي بما حققته من منجزات، وبما أسهمت فيه من تطور على مستوى العالم، لتصبح الحياة فرصة يتقدم الجميع فيها، ويحقق كل إنسان ذاته، ويتوشح الوطن أديم الحب زاهيا مضيئا في عرسه الأبدي الذي يزيد كل عام جوهرة نفيسة في تاجه العظيم، فليهنك العز والسؤدد يا وطني لتبق منارة للهدى والنور ما دامت السماوات والأرض.